المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

569

مقدّمة الحرام

وأمّا مقدّمة الحرام، فحيث إنّ المطلوب في الحرام هو الترك، والترك ليس موقوفاً على ترك كلّ المقدّمات، فلم يجب كلّ التروك، ولم تحرم كلّ المقدّمات، بينما كان المطلوب في الواجب هو الفعل الموقوف على تمام المقدّمات، ولذا وجب تمام المقدّمات، إذن فماذا يحرم من مقدّمات الحرام؟

تفصيل ذلك: أنّ مقدّمات الحرام: تارةً يفرض: أنّ إحداها بينها هي التي تقع الجزء الأخير من العلّة، أي: لابدّ أن تقع في نهاية سلسلة المقدّمات، واُخرى يفرض: أنّ تلك المقدّمات في عرض واحد، فكما يمكن أن تتقدّم هذه وتتأخّر تلك، كذلك يمكن العكس.

ففي القسم الأوّل يحرم الجزء الأخير من العلّة، ويجب تركه؛ إذ بتركه يُترك الحرام، ومع تركه لا حاجة إلى ترك الباقي، وترك الباقي من دون ترك هذا الجزء غير معقول، ومن هذا القسم كلّ الأفعال الداخلة تحت الإرادة المباشرة، فإنّ إرادتها بمنزلة الجزء الأخير من العلّة، فهي التي تحرم دون سائر المقدّمات، ففي كلّ الأفعال الداخلة تحت الإرادة مباشرة لا يحرم شيء من مقدّماتها غير الإرادة حرمة غيريّة.

نعم، قد يقال فقهيّاً بحرمة الإتيان بمقدّمة من مقدّمات الحرام بقصد التوصّل إلى الحرام، إلّا أنّ هذه حرمة نفسيّة مرتبطة بمسألة حرمة التجرّي وعدمها، وليست حرمة غيريّة.