المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

99

دلالة صيغة الأمر على الطلب

الجهة الاُولى: في دلالتها على الطلب.

لا إشكال في أنّ صيغة «افعل» تدلّ على الطلب، وإنّما الكلام في كيفيّة دلالتها على الطلب، حيث إنّ صيغة «افعل» من الهيئات، وهي تدلّ على معنىً حرفيّ لا على معنىً اسميّ، فلا تكون صيغة الأمر دالّة بالمباشرة على مفهوم الطلب كما يدلّ عليه لفظ الطلب، فإنّ هذا مفهوم اسميّ، إذن فيقع الكلام في أنّه ما هو المعنى الذي تدلّ عليه صيغة «افعل» الذي يكون مغزاه ومآله إلى الطلب؟

وينبغي منذ البدء أن نستبعد ما ذكره السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ من أنّها موضوعة لإبراز اعتبار نفسانيّ، وهو اعتبار الفعل في ذمّة المكلّف، فإنّه مبنيّ على مبناه من كون الوضع عبارة عن التعهّد، فرتّب على ذلك أنّ الدلالة الوضعيّة هي الدلالة التصديقيّة الكاشفة عن وجود شيء في النفس يعبّر عنه بالاعتبار أو الإرادة، أو بأيّ تعبير آخر، بينما نحن قد وضّحنا في بحث الوضع: أنّ الدلالة الوضعيّة إنّما هي دلالة تصوّريّة، والتي ليست إلّا عبارة عن إخطار معنىً في الذهن من دون أيّ كشف عمّا في نفس المتكلّم، وأمّا الدلالة التصديقيّة فهي ظهور حاليّ سياقيّ له ملاك آخر غير الوضع، فحينما نتكلّم عن المدلول الوضعيّ لصيغة الأمر لا يمكن أن نذكر الدلالة التصديقيّة.