المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

108

موقف السلطة:

لم تحسب السلطة المجرمة أن يكون ردّ الشعب العراقيّ المسلم بهذا المستوى؛ إذ كان زخم الوفود مفاجأة بكلّ معنى الكلمة، ولذلك أحجمت عن اتّخاذ أىّ إجراء قمعيّ فوريّ؛ لأنّها لاتعرف مستوى التحرّك، وهل للجيش صلة بالموضوع، أو لا؟. وفضّلت مراقبة الوضع والتريّث إلى حين.

ولنا أن نتساءَل عن رأي السلطة كيف كانت تنظر إلى هذا الوضع؟ وما ذا كان يعني في رأيها تقاطر الوفود إلى النجف لتأييد السيّد الشهيد ومبايعته؟ وهنا اُشير إلى تصريحين بهذا الشأن:

الأوّل: اعتراف مدير أمن النجف بأنّ ما حدث كان ثورة، وأوشكت أن تنجح لو لا (حزم) السلطة(1).

الثاني: ما نقله السيّد علي بدر الدين عن أحد أعضاء ما يسمّى بمجلس قيادة الثورة، فقد قال: إنّ السيّد محمّد باقر الصدر قام بثورة كادت أن تنجح، ونحن من الآن نتعامل معه على هذا الأساس، ولو لا أنّه فاجأنا بهذا التحرّك، لعرفنا كيف نتعامل مع هؤلاء (العملاء) الذين حرّكهم ضدنا... إلى آخره.

والحقيقة: أنّ هذا التقييم هو عين الواقع، فما حدث في رجب كان ثورة حقيقيّة ضدّ السلطة، ولو لا العجز عن توفير السلاح والعتاد، لنجحت الثورة في جانبها العسكريّ بعد أن نجحت في الجوانب الاُخرى.

أمّا الإجراءات التي اتّخذت لقمع التحرّك في رجب، فهي كالتالي:

أ ـ استدعاء عشرات الاُلوف من قوّات الأمن والجيش اللاشعبيّ للتواجد في النجف، وتطويق شوارعها وأزقّتها، وفرض السيطرة عليها.

ب ـ فرض حالة التأهّب والاستعداد في الجيش، والجيش اللاشعبيّ، والحزب.

ج ـ تسجيل أسماء وعناوين الوافدين إلى النجف.

د ـ تصوير الوافدين (فتوغرافيّاً)، وتسجيل أصواتهم.

هـ ـ وفي المرحلة الأخيرة بدأت حملة شاملة لاعتقال جميع من زار السيّد الشهيد(رحمه الله).


(1)وسيأتى ذكر هذه القِصّة لدى ذكر المفاوضات التى جرت مع السيّد الشهيد فى فترة الاحتجاز.