المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

190

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ الجمع بين التثليث وتعميم الحكم للواقعىّ والظاهرىّ مستلزم للتداخل(1)، فإنّ القطع بالحكم الظاهرىّ ظنّ معتبر بالواقع في مورد الأمارات، وشكّ فيه في مورد


الحكميّة، لا الموضوعيّة ـ: أنّ قاعدة الفراغ إنّما جرت بلحاظ الواقع؛ كي تحكم بصحّة الصلاة الواقعيّة من هذه الناحية، وتفيد أنّك قد أتيت بالركوع.

وبتعبير آخر: أنّ كلّ جزء وشرط من أجزاء الصلاة وشرائطها لابدّ من إحرازه وجداناً أو تعبّداً، وقد أحرز الركوع بقاعدة الفراغ، والطهارة بالاستصحاب، فالاستصحاب وقاعدة الفراغ قد جريا في عرض واحد بلحاظ الواقع.

الخامس: إذا ثبتت طهارة الشيء بأصالة الطهارة في شبهة حكميّة، (1) ثمّ شكّ في تنجّسه بشبهة حكميّة أيضاً، كما لو لاقى المتنجّس، وشككنا في منجّسيّة ملاقاة المتنجّس، جرى استصحاب تلك الطهارة الظاهريّة.

قال اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): ولاضير هنا في إجراء الاستصحاب على مبنى السيّد الاُستاذ برغم أنّ الشبهة حكميّة؛ لأنّ السيّد الاُستاذ يرى جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعيّة.

والجواب: أنّ هذا الاستصحاب غير جار؛ للقطع ببقاء المستصحب، وهو الطهارة الظاهريّة؛ لبقاء موضوعها، وهو الشكّ في الطهارة الواقعيّة، غاية الأمر أنّ منشأ الشكّ ابتداءً كان شيئاً واحداً، والآن حصلنا على منشأين للشكّ.

السادس: جريان الاستصحاب في الملكيّة الظاهريّة الثابتة بقاعدة اليد إذا شكّ في ارتفاعها بالبيع مثلاً.

والجواب ـ بغضّ النظر عن أنّه خروج عمّا نحن فيه؛ لكون الشبهة موضوعيّة ـ: أنّ الاستصحاب إنّما يجري بلحاظ الملكيّة الواقعيّة، فإنّ استصحابها صحيح أنّه كان بحاجة إلى اليقين والشكّ، لكنّ الشكّ ثابت بالوجدان، واليقين ثابت بالتعبّد بحكم قاعدة اليد (2).

السابع: أنّه في الاُصول المتعارضة لابدّ من الرجوع إلى وظيفة: من تخيير، أو تساقط، أو تقديم أحدهما على الآخر.

والجواب: أنّ الكلام إنّما هو في جريان الأصل مع كون موضوعه الشكّ في الحكم الظاهرىّ، لا في رفع ذاك الشكّ، وإثبات أحد طرفي الشكّ، ومورد النقض من هذا القبيل، فهو خروج عمّا نحن فيه.

أقول: هذا يعني: أنّ الحكم الظاهرىّ هنا حكم واحد، وهو الثابت بالأخير بعد إعمال وظيفة التعارض بين خبري البراءة والإحتياط، لابين نفس الأصلين، فلايقاس هذا باستصحاب الحكم الظاهرىّ الذي ثبت حدوثاً و شُكّ بقاءً.

(1) هذا بناءً على أنّ التقسيم بلحاظ الآثار، كما هو المستفاد من استدلال السيّد الخوئىّ على ضرورة كون متعلّق الأقسام هو الحكم الجامع بين الواقعىّ والظاهريّ باشتراكهما في ترتّب الأثر على ما يتعلّق بهما من القطع والظنّ والشكّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا داعي إلى هذا القيد.

(2) هذا بناءً على أنّ الأمارات تقوم مقام القطع الموضوعىّ.