المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

199

الظلم، فتكون حجّيّة القطع عندهم من صغريات قاعدة حسن العدل وقبح الظلم.

ومن هنا تختلف المبانىّ في حجّيّة القطع باختلافها في تلك القاعدة، فالمشهور بين الاُصوليّين: أنّ حسن العدل وقبح الظلم أمر واقعىّ يدركه العقل من قبيل الإمكان والامتناع، وعلى هذا فحجّيّة القطع ـ أيضاً ـ من هذا القبيل.

وذهب جماعة من الاُصوليّين إلى ما هو مبنى الفلاسفة: من أنّ حسن العدل وقبح الظلم حكم عقلائىّ حكم به العقلاء لصالح نظامهم الاجتماعىّ، وهذا ما يسمّى في المنطق بــ (المشهورات). وعلى هذا فحجّيّة القطع ـ أيضاً ـ من مجعولاتهم.

وربّما يتراءى من بعض العبائر مبنىً ثالث واضح البطلان، ولعلّه ليس مقصوداً بالعبارة، وهو: أنّ حسن العدل وقبح الظلم حكم إلزامىّ للعقل، فالعقل هو الذي يحكم على الإنسان بوجوب العدل، وينهاه عن الظلم، وعليه فحجّيّة القطع ـ أيضاً ـ من هذا القبيل. ولكن من الواضح: أنّ العقل وظيفته الإدراك لاالحكم.

وقد أورد السيّد الاُستاذ على المبنى الثاني إيرادين انتصاراً للمبنى الأوّل:

الأوّل: أنّ حجّيّة القطع لو كانت من مجعولات العقلاء لنظامهم الاجتماعىّ، لما كان حجّة للفرد الأوّل من البشر، في حين أنّ القطع كان حجّة له أيضاً.

والثاني: أنّها لو كانت من مجعولاتهم للنظام الاجتماعىّ، لم يكن حجّة بالنسبة إلى الأوامر غير الدخيلة في وضعهم الاجتماعىّ الثابتة تعبّداً بالشرع، فماذا يقال في تلك الأوامر؟!

ويرد على الأوّل: أنّه إن أراد بحجّيّة القطع لآدم(عليه السلام) حجّيّته بمعنى أنّه لو رأى مائعاً وقطع بكونه ماءً ـ مثلاً ـ لرتّب على قطعه الأثر بشربه عند ما يعطش، فهذا مسلّم وثابت في الحيوانات أيضاً، لكن هذه هي حجّيّة القطع بالمعنى المنطقىّ.

وإن أراد بالحجّيّة معنى التنجيز والتعذير، قلنا: لاسبيل لمعرفة حجّيّة القطع لآدم(عليه السلام) إلّا أحد أمرين:

الأوّل: التجربة بأن نظفر بإنسان عاش وحيداً، وفي غير مجتمع عقلائىّ، ورأيناه يعتقد بحجّيّة القطع لنفسه. وهذه التجربة لم تحصل.

والثاني: دعوى أنّ العقل قد أدرك حجّيّة القطع على الإطلاق، بلا فرق بين فرض