المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

204

الشخصيّة، كما لو تحرّك نحو أوامر المولى حبّاً له، واُخرى يفترض بداعي ما يحكم به العقل من التنجيز ووجوب الطاعة وحجّيّة القطع، فإن كان المراد من التضادّ بين الردع والمحرّكيّة هو التضادّ بين الردع والمحرّكيّة الشخصيّة، قلنا: ليس هذا إشكالاً على ردع المولى؛ فإنّ المولى من شأنه ـ دائماً ـ الردع عن المحرّكيّات الشخصيّة، ولا استحالة في ذلك.

وإن كان المراد هو التضادّ بين الردع والمحرّكيّة العقليّة، قلنا: هذا رجوع إلى الوجه الثاني، وهو: أنّ ردع الشارع مناقض لحكم العقل، وهذا ما سنبحثه الآن.

وأمّا الوجه الثاني: وهو التضادّ بين ردع الشارع وحكم العقل، فتوضيحه على حدّ مصطلحات القوم: أنّ العقل حكم بكون الحجّيّة من ذاتيّات القطع، وذاتىّ الشيء يستحيل انفكاكه عنه.

إلّا أنّ صرف كون ما حكم به العقل من ذاتيّات القطع لايكفي في إثبات عدم إمكان الردع عنه، بل يجب أن يرى أنّ ما حكم به العقل، ويكون من ذاتيّات القطع، هل هو حجّيّة القطع المعلّقة على عدم الردع عنها، بحيث يكون الردع رافعاً لموضوع حكم العقل، أو هي الحجّيّة التنجيزيّة؟

فعلى الأوّل يصحّ الردع، وعلى الثاني لايصحّ الردع، وتعيين أحد الاحتمالين موكول إلى الوجدان، ولابرهان عليه.

وأمّا توضيحه على حدّ مصطلحاتنا، فهو: أنّ فرض مولويّة المولى هو فرض وجوب طاعته، فالردع عن ذلك ردع عن مولويّة المولى، وذلك مستحيل.

وهنا ـ أيضاً ـ نقول: إنّ صرف كون المولويّة عبارة عن استحقاق الطاعة لايكفي لإثبات عدم صحّة الردع، بل يجب أن يرى أنّ جوهر المولويّة هل هو عبارة عن حقّ الطاعة التنجيزيّ، أو عبارة عن حقّ الطاعة المعلّق على عدم إسقاطه؟ فعلى الأوّل لايقبل حقّ الطاعة الإسقاط، وعلى الثاني يقبل الإسقاط، من دون أن يستلزم ذلك إسقاط المولى نفسه عن المولويّة، كي يقال: إنّ هذا مستحيل. وتعيين أحد الاحتمالين هنا ـ أيضاً ـ موكول إلى الوجدان، ولابرهان عليه.