المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

205

وأمّا الوجه الثالث: وهو كون إسقاط حجّيّة القطع نقضاً للغرض، فإن اُريد بالغرض الملاك الموجود في المتعلّق، رجع ذلك إلى الشقّ الأوّل من الوجه الأوّل، وهو: التضادّ بحسب عالم المبادئ.

وإن اُريد به الداعي إلى الجعل حيث يقال: إنّ المولى لو أراد الردع عن حجّيّة القطع بما أمر به، فما الذي دعاه إلى أصل الجعل؟!

قلنا: إنّ الداعي إلى أصل الجعل إنّما هو المحرّكيّة التي يقتضيها العقل، فيضيق ويتّسع بضيق تلك المحرّكيّة العقليّة وسعتها، فلو فرضنا أنّ تلك المحرّكيّة تعليقيّة، لم تكن مضادّة بين الداعي إلى الجعل والردع عن الحجّيّة، فلم يكن ذلك نقضاً للغرض، فلم يصحّ هذا الوجه على فرض تعليقيّة التحريك العقلىّ، كما لم يصحّ الوجه الثاني على هذا الفرض، أي: إنّ الوجهين متلازمان صحّة وبطلاناً. أمّا أنّ الصحيح هل هو تعليقيّة التحريك، أو تنجيزيّته؟ فقد مضى أنّ تعيين أحد الاحتمالين موكول إلى الوجدان، ولابرهان عليه.

أمّا الكلام في تحقيق أصل المطلب، فكما يلي:

إنّ غرض المولى تارة يفترض تعلّقه بحصّة خاصّة من الفعل، وهي: الإتيان به بداعي المحرّكيّة الشخصيّة على أساس حبّ العبد للمولى، لابداعي التنجيز العقلىّ، كما لو أراد المولى أن يمتحن عبده، ويرى أنّ حبّه له هل بلغ مرحلة تكفي لتحريكه للامتثال من دون تنجيز عقلىّ، أو لا؟

واُخرى يفترض تعلّقه بطبيعىّ الفعل من دون نظر إلى صدوره بالمحرّكيّة الشخصيّة أو المحرّكيّة المولويّة.

فإن فرض تعلّق الغرض بتلك الحصّة الخاصّة، كان إمكان إسقاط القطع عن الحجّيّة متوقّفاً على القول بتعليقيّة حقّ الطاعة، بمعنى كونه معلّقاً على عدم إسقاطه، فإن قلنا بتعليقيّة حقّ الطاعة، أمكن للمولى إسقاط القطع عن الحجّيّة بإسقاط حقّ الطاعة؛ كي يصبح أمره الإلزامىّ كالأمر الإلزامىّ الناشئ من قبل من لاتجب عقلاً طاعته على المأمور، وبذلك يجرّب المولى مدى حبّ العبد له، وأنّه هل بلغ حبّه إلى مستوىً يكفي