المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

209

أمّا الفرض الأوّل: ففيه أقوال ثلاثة:

1 ـ إعطاء أحد الدرهمين لزيد، وتنصيف الآخر بينهما.

2 ـ تثليث الدرهمين، وإعطاء ثلثيهما لزيد، وثلثهما لعمرو.

3 ـ تشخيص مالك الدرهم الثاني بالقرعة التي هي لكلّ أمر مشكل.

أمّا القول الأوّل: وهو التنصيف، فيدلّ عليه أمران:

الأوّل: رواية السكونىّ، لكنّها ساقطة عن درجة الاعتبار؛ لضعف السند(1).

الثاني: قاعدة العدل والإنصاف، والدليل عليها ـ على ما أفاده السيّد الاُستاذ ـ هو السيرة العقلائيّة الممضاة من الشارع.

ومُفادها ـ على ما يستفاد من كلماته ـ مجموع أمرين:

الأمر الأوّل: الحكم التكليفىّ، وهو: أنّه إذا دار الأمر في مال بين وصول نصفه فقط قطعاً إلى المالك، أو وصول تمامه احتمالاً إليه، فمقتضى السيرة العقلائيّة هو الأخذ بالثاني.

والآخر: الحكم الوضعىّ، وهو: ثبوت الملك ظاهراً لكلّ من النصفين لمن يعطى له. وذكر في المقام: أنّ تنصيف المال بينهما الموجب لوصول أحد النصفين إلى صاحبه وفوات النصف الآخر عليه، يكون نظير صرف الحاكم نصف المال حسبة، مقدّمة لإيصال النصف الآخر إلى مالكه.

ولعلّه يقصد بذلك مجرّد التنظير والتقريب إلى الذهن.

وعلى أيّ حال، فتارة تفترض دعوى السيرة العقلائيّة على قاعدة العدل والإنصاف. وحجّيّتها في باب القضاء، ولعلّه المقصود للسيّد الاُستاذ، كما يشهد لذلك تنظيره بمسألة اختيار الحاكم إيصال نصف المال بصرف النصف الآخر.

واُخرى تفترض دعوى السيرة على ذلك، وحجّيّة القاعدة في نفسها، وبغضّ النظر عن باب القضاء. ولاتلازم بين حجّيّة الشيء في نفسه، وحجّيّته في مقام القضاء والحكم، فاليمين ـ مثلاً ـ حجّة في مقام الحكم، وليس حجّة في نفسه، والاستصحاب حجّة في


(1) المقصود بذلك ما ورد في الوسائل ج 13 باب 12 من الصلح ص 171 عن السكونىّ عن الصادق(عليه السلام) عن أبيه(عليه السلام) «في رجل استودع دينارين، فاستودعه آخر ديناراً، فضاع دينار منها، قال: يعطى صاحب الدينارين ديناراً، ويقسّم الآخر بينهما نصفين» والسند ضعيف بالنوفلىّ.