المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

212

عنوان، كوجوب إكرام العالم بما هو عالم، وكان التردّد في انطباق هذا العنوان على هذا الطرف أو ذاك الطرف، كما لو علمنا إجمالاً بعالميّة أحد الشخصين، فهنا ليس العلم متوقّفاً على الجامع الذي نسبته إلى الطرفين على حدّ سواء، بل نفذ العلم بالتكليف إلى عنوان (إكرام العالم)، ومن الواضح أنّه ليست نسبة ذلك إليهما على حدّ سواء، وإنّما تردّدنا نحن في انطباقه. فما تنجّز بالعلم إنّما هو إكرام العالم، وهو أكبر من الجامع الذي يعبّر عنه بمثل أحدهما. وسيأتي في محله ـ إن شاء الله ـ تفصيل الكلام في الفرق بين القسمين. وما نحن فيه من هذا القبيل؛ إذ وجب ردّ المال إلى المالك بما هو مالك، وتردّد لدينا انطباقه بين هذا وذاك.

الوجه الثاني: أنّه على رغم نفوذ العلم بالوجوب إلى ردّ المال إلى المالك بما هو مالك ـ ولذا لم نقبل بالوجه الأوّل ـ يمكن الترخيص في مخالفة ذلك مخالفة احتماليّة، ولايمكن الترخيص في مخالفتها مخالفة قطعيّة ولو في أحد النصفين؛ وذلك لأنّ الترخيص في المخالفة الاحتماليّة حكم ظاهرىّ قابل للجمع مع الحكم الواقعىّ بوجه يجمع به بين الأحكام الظاهريّة والواقعيّة، أمّا الترخيص في المخالفة القطعيّة، فغير ممكن. فلابدّ من إرجاعه إلى تقييد الواقع؛ إذ يشترط في الجمع بين الحكم الظاهرىّ والواقعىّ عدم القطع بمخالفته للواقع، فإطلاق دليل الحكم الواقعىّ يطرد الترخيص في المخالفة القطعيّة(1).

إلّا أنّ تمام ما ذكرناه إلى هنا كان مبنيّاً على دعوى وجوب إيصال المال إلى مالكه على هذا الودعىّ.

لكن التحقيق: أنّه لادليل على وجوب ذلك عليه، بل إنّما يجب عليه التخلية بين المال ومالكه، بأن يقول لهما ـ مثلاً ـ: كلّ من كان منكما مالكاً لهذا المال، فليأخذه. وأمّا وجوب


(1) لعلّ هذا ـ أيضاً ـ مبنىّ على مبنى القوم: من أنّ العلم الإجمالىّ كالتفصيلىّ في علّيّته للتنجيز، ولكن مع ذلك يمكن الترخيص في المخالفة الاحتماليّة في مورد العلم الإجمالىّ، كما رخّص فيها في مورد العلم التفصيلىّ بمثل قاعدة الفراغ وغيرها.

إلّا أنّ الواقع: أنّ نفس النكتة التي جعلت الترخيص في المخالفة الاحتماليّة جائزاً في مورد العلم الإجمالىّ والتفصيلىّ، جعلت الترخيص في المخالفة القطعيّة في مورد العلم الإجماليّ جائزاً أيضاً، وسيأتي منه(رحمه الله)منع كون العلم الإجمالىّ علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة. وتفصيل الكلام يتّضح في الأبحاث الآتية في محلّها إن شاء الله.