المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

214

المسألة عمّا نحن فيه، وعليهما أن يرفعا النزاع إلى الحاكم، وقد مضى أنّ الحاكم يحكم بقاعدة العدل والإنصاف، وإن كان كلّ منهما يحتمل كون المال له، فبعد ما عرفت من عدم حجّيّة قاعدة العدل والإنصاف في غير باب الحكومة، لايبقى شيء عدا القرعة، وتصل النوبة إليها.

وأمّا القول الثاني: وهو التثليث، فمنشؤه القول بحصول الشركة بالامتزاج، وهل هذه الشركة ظاهريّة، أو واقعيّة؟ فمقتضى كلام صاحب الجواهر(رحمه الله) أنّها ظاهريّة، والذي حمله على المصير إلى ذلك ما تسالموا عليه من كون الامتزاج موجباً للشركة من ناحية، ومن كون عقد الشركة موجباً للشركة ـ أيضاً ـ مشروطاً بالامتزاج من ناحية اُخرى.

فيرد الإشكال: بأنّ الامتزاج لو كان وحده موجباً للشركة، فافتراض كون عقد الشركة مشروطاً بالامتزاج موجباً للشركة ضمّ للحجر في جنب الإنسان. ففراراً من هذا الإشكال افترض أنّ الامتزاج إنّما يولّد الشركة الظاهريّة، في حين أنّه لو انضمّ إليها العقد، أصبحت الشركة واقعيّة.

أقول: إنّ كون الشركة ظاهريّة فيما نحن فيه غير متصوّر؛ إذ لو لم يكن الامتزاج موجباً للشركة الواقعيّة، إذن نحن نعلم بأنّ كلّ مال قد بقي في ملك مالكه، ومعه كيف نفترض الشركة الظاهريّة؟ ولامجال للحكم الظاهرىّ مع القطع بالخلاف!!

والواقع: أنّ دليله على كون الامتزاج شرطاً لحصول الشركة بالعقد هو الإجماع، ونحن لانراه في المقام بنحو يكشف عن رأي المعصوم. وتحقيق المقياس في ذلك يرجع إلى بحث الإجماع.

والدليل الصحيح على كون الامتزاج موجباً للشركة هو السيرة العقلائيّة، وهي لم تثبت في مطلق الامتزاج، وإنّما ثبتت فيما إذا كان الامتزاج بين الشيئين بنحو يأبى العرف عن كون المركّب موضوعين لحكمين بالملكيّة، كما في امتزاج الماء بالماء، أمّا امتزاج الدرهم بالدرهم، فليس كذلك. وحتّى لو كان دليلنا على الشركة هو الإجماع، فالقدر المتيقّن منه هو الامتزاج بالشكل الأوّل.

ومن هنا ينحلّ الإشكال الموجود في الجمع بين الفتوى بكون الامتزاج موجباً للشركة، والفتوى بكون تأثير العقد في إيجاد الشركة مشروطاً بالامتزاج ـ لو سلّمنا