المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

215

الاعتماد على الإجماع المستدلّ به في المقام ـ وذلك لأنّ الامتزاج الموجب للشركة إنّما هو الامتزاج بالنحو الأوّل، سنخ امتزاج الماء بالماء، والقدر المتيقّن من اشتراط الامتزاج في نفوذ عقد الشركة هو أدنى مراتب الامتزاج الثابت في مثال الدرهم؛ لأنّ الدليل على اشتراط الامتزاج ليس لفظيّاً، وإنّما هو دليل لبّىّ لابدّ فيه من الاقتصار في مقام تقييد إطلاقات نفوذ عقد الشركة على القدر المتيقّن.

وأمّا القول الثالث: وهو تحكيم القرعة، فقد ظهر حاله ممّا سبق؛ فإنّه إن اُريد القرعة بمعنى حكم القاضي بذلك، فقد عرفت أنّ القاضي يجب أن يحكم بقاعدة العدل والإنصاف، بحكم النص، وإن اُريد القرعة بالنسبة إلى الشخص الثالث الودعىّ، فقد عرفت أنّه ليس عليه سوى التخلية بينهما وبين المال، وإن اُريد القرعة بالنسبة إلى نفس الشخصين الشاكّين، فقد عرفت صحّتها في ذلك.

وأمّا الفرض الثاني: وهو كون الاشتباه بسبب النسيان من دون أىّ خلط وامتزاج في المقام، فهذا حاله حال الفرض الأوّل في تمام ما مضى، عدا أنّ القول الثاني ـ وهو الشركة ـ لا مجال لتوهّمه هنا.

هذا تمام الكلام في هذا الفرع من الناحية الفقهيّة.

وأمّا افتراضه نقضاً على حجّيّة القطع وعدم الردع عنها، فخلاصة الكلام في ذلك:

أنّه بناءً على القول الثالث ـ وهو القرعة ـ لاتوجد في المقام مخالفة للعلم كما هو واضح. وكذلك الحال بناءً على القول الثاني، وهو الشركة؛ لما عرفت من أنّ الحقّ هو أنّ الشركة واقعيّة لاظاهريّة.

وأمّا بناءً على التنصيف لقاعدة العدل والإنصاف، فهنا قد يؤدّي العمل بآثار القاعدة إلى الانتهاء إلى مخالفة العلم، كما لو وقع النصفان في يد شخص ثالث، فهو يعلم إجمالاً بعدم مالكيّته لهما، وكما لو اشترى بهما جارية، فهو يعلم تفصيلاً بعدم الملكيّة المستقلّة، وحرمة الوطء.

لكنّنا نلتزم في مثل هذه الموارد بحرمة المخالفة، ونقتصر في مقام العمل بقاعدة العدل والإنصاف وترتيب آثارها على ما لايلزم منه مخالفة العلم بعد ثبوت منجزيّة العلم خصوصاً فيما إذا كان دليل القاعدة خصوص السيرة؛ فإنّ ثبوتها على ترتيب مثل هذه الآثار ممنوع.