المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

241

الوجه الثالث: ما ذكر في (الدراسات) مشوّشاً، وذكره سيّدنا الاُستاذ في البحث بلا تشويش، وهو: أنّ حرمة التجرّي مسبوقة دائماً ـ في نظر المكلّف ـ بحكم مولوىّ وصل إلى المكلّف، وتنجّز عليه، فتحقّق بذلك موضوع التجرّي، وهذا يعني: وجود محرّك مولوىّ للمكلّف في نظره قبل حكم التجرّي، فإن كفاه ما يراه من المحرّك المولوىّ، لم تكن فائدة في الحكم الثاني، وإن لم يكفه ذلك وبنى على العصيان، لم يحرّكه الحكم الثاني أيضاً، فهذا الحكم على كلا التقديرين غير قابل للمحرّكيّة، فيلغو.

والجواب: أنّنا لو افترضنا أنّ تنجّز الواقع على المتجرّي كان بغير العلم، كان أثر حرمة الفعل المتجرّى به أنّ الإتيان به يصبح مخالفة قطعيّة بخلاف فرض عدم حرمته، والتمرّد على المولى في فرض القطع بالحكم ولزوم المخالفة القطعيّة أشدّ من التمرّد عليه في فرض الشكّ والاحتمال المنجّز، إذن فإنكار تأثير حرمة الفعل المتجرّى به في التحريك غير مقبول.

ولو افترضنا أنّ تنجّز الواقع عليه كان بالعلم، فسنمنع ـ أيضاً ـ عدم تأثير حرمة الفعل المتجرّى به في التحريك؛ وذلك لأنّ الحكم الأوّل صادر عن غرض، والحكم الثاني صادر عن غرض آخر، فيحصل التأكّد لا محالة في مقام المحرّكيّة تبعاً لتأكّد الغرض؛ لأنّ التمرّد على المولى والطغيان عليه يختلف شدّة وضعفاً باختلاف درجات الأغراض.

والمعنى الصحيح عندنا للتأكّد عند اجتماع حكمين هو: ما ذكرناه من التأكّد في مقام المحرّكيّة، لا اتّحادهما في نفس الجعل والاعتبار، بل هما باقيان على ما هما عليه من التعدّد جعلاً وإنشاءً.

هذا تمام الكلام فيما يفترض مانعاً عن تطبيق قاعدة الملازمة في المقام، وقد تحصّل أنّه لو سلّمنا قاعدة الملازمة في نفسها، فلاإشكال في تطبيقها في المقام وإثبات حرمة الفعل المتجرّى به. نعم، لنا كلام في أصل صحّة القاعدة أو إطلاقها سيأتي في محلّه إن شاء الله.

وبمناسبة المقام: لا بأس بالحديث عن القاعدة الموروثة من الميرزا الشيرازىّ الكبير(قدس سره)، وهي: إنّ الحسن والقبح العقليّين إنّما يستتبعان الحكم الشرعىّ إذا كانا في سلسلة علل الأحكام كقبح الغصب والتشريع، دون ما إذا كانا في سلسلة معلولاتها.

ولاينبغي أن يكون مدرك هذه القاعدة لزوم الدور، بدعوى أنّ الحسن والقبح لو كانا