المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

245

التفصّي؛ لأنّ إشكال عدم المحرّكيّة لو تمّ لجرى في المقام أيضاً؛ إذ يقال: إنّ من يوجد تحريم الفعل في نفسه داعياً إلى الترك، لا حاجة في تحريكه إلى تحريم قصد السوء المبرز بالفعل، ومن لايرتدع بما قطع من حرمة الفعل، لايرتدع ـ أيضاً ـ بحرمة القصد.

لايقال: إنّ تحريم الفعل غير كاف في الردع عن القصد؛ لإمكان صدور القصد مطلقاً أو ببعض مراتبه بسبب داع يدعوه إلى إيجاد الشوق والقصد في نفسه.

فإنّه يقال: إنّه قد حقّق في محلّه عدم إمكان انقداح القصد إلّا بملاك في المقصود(1).

وعلى أىّ حال، فالكلام هنا يقع في جهتين:

الاُولى: في أصل إثبات حرمة التجرّي بالإجماع.

الثانية: في نفس المسألتين اللتين أشير إليهما في المقام.

أمّا الجهة الاُولى: فالتحقيق عدم تماميّة الاستدلال على حرمة التجرّي بالإجماع ؛ إذ يرد عليه:

أوّلاً: عدم حجّيّة الإجماع المنقول.

وثانياً: ثبوت المخالف على ما ذكره الشيخ الأعظم(رحمه الله).

وثالثاً: أنّ المسألة عقليّة كما أفاد الشيخ الأعظم(رحمه الله)، ولا أقصد بعقليّة المسألة أنّ عنوان المسألة عقلىّ حتّى يرد عليه ما أفاده المحقّق النائينىّ(قدس سره): من أنّ عنوان المسألة بالنحو الذي حرّرناه (وهو حرمة التجرّي وعدمها) شرعىّ، وليس عقليّاً؛ فإنّ مناط الإشكال ليس كون عنوان البحث عقليّاً، بل أقصد بعقليّة المسألة أنّ من مدارك هذا الحكم قاعدة الملازمة، وهي أمر عقلىّ، ومن المحتمل أن يكون مدرك المجمعين ذلك، وعلى تقدير أن يكون مدركهم ذلك فقد أجمعوا في الحقيقة على أمر عقلىّ، والإجماع لابدّ أن يكون كاشفاً عن دليل شرعىّ حتّى يركن إليه، أمّا لو كان مستنده العقل، فنحن نرجع إلى


(1) ولو سلّم إمكان انقداح القصد بملاك في القصد، فمن الواضح عدم إمكان اجتماعه مع الردع الفعلىّ عن المقصود، فلو كفاه النهي عن المقصود في الردع عنه، لم تعد حاجة إلى الردع عن القصد.