المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

249

ليصلّ الاُولى بعد ذلك على أثرها»(1).

أقول: إنّ ما أفاده في المقام مشكل ثبوتاً وإثباتاً:

أمّا من حيث الثبوت، فيرد عليه:

أوّلاً: أنّ ما فرضه إشكالاً على تطبيق قاعدة الملازمة من محذور عدم قابليّة التحرّك لو تمّ يرد هنا أيضاً، فمن لا يتحرّك نحو البدار بتنجّز الواقع عليه، لا يحرّكه الأمر به أيضاً، ومن يتحرّك نحوه بتنجّز الواقع عليه، يكفيه ذلك(2).

وثانياً: أنّ كون البدار عند ظنّ الضيق واجباً مستقلّاً ـ وبغضّ النظر عن وجوب الصلاة في الوقت ـ بعيد جداً؛ فإنّ هذا الوجوب إن فرض اختصاصه بالظانّ بضيق الوقت، لزم كون حال الظانّ بالضيق أسوأ من حال العالم به، فمن أخّرها مع العلم بالضيق، وأدّى ذلك إلى فوات الصلاة في الوقت، صدرت عنه معصية واحدة، ولكن من أخّرها مع الظنّ بالضيق، وأدّى ذلك إلى فوات الصلاة في الوقت، فقد عصى معصيتين، وهذا ـ كما ترى ـ غير محتمل فقهيّاً.

وإن فرض ثبوت هذا الوجوب النفسىّ حتّى مع العلم بالضيق، لزم الفرق بين من أخّر عالماً بالضيق، ومن أخّر عمداً بنحو لم يحصل له العلم بالضيق، كما لو نام قبل ضيق الوقت عالماً بأنّه لاينتبه من النوم إلّا بعد فوات الوقت، فيكون حال العالم أسوأ من حال هذا الشخص، ولايكونان متساويين برغم أنّ الثاني ـ أيضاً ـ ترك الصلاة عمداً، وهذا غير محتمل فقهيّاً أيضاً.

وإن فرض ثبوت هذا الوجوب النفسىّ بعنوان يشمل حتّى مثل من نام متعمّداً، يلزم أن


(1) الحديث وارد في الوسائل ج 3، ب 4، من المواقيت، ح 18، ووارد في التهذيب ج 2، ح 1074. وسند الحديث ليس نقيّاً؛ فإنّه قد رواه الشيخ(رحمه الله) بسنده عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن الحلبىّ، وابن سنان مردّد بين عبد الله بن سنان وهو ثقة ومحمّد بن سنان الذي لم تثبت وثاقته. وقد روى الحسين بن سعيد عنهما، وورد بعض الأحاديث عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، فقد يكون حديثنا من هذا القبيل، ولعلّ رواية الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان أكثر من روايته عن عبد الله بن سنان، كما أنّ روايته عنه أنسب من حيث الطبقة من روايته عن عبد الله، وإن شوهد قليلاً روايته عن عبدالله.

(2) لوفرض الوجوب النفسىّ للبدار مختصّاً بفرض الظنّ بالفوت دون العلم به، لم يرد هذا الإشكال؛ فإنّه لولا الوجوب النفسىّ للبدار، لم يكن يتنجّز عليه البدار بناءً على ما مضى منّا من بيان جريان استصحاب الوقت عند الشكّ في الضيق.