المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

254


اللذين لم يرد نصّ على توثيقهما، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «من همّ بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها، كتبت له عشراً، ويضاعف الله لمن يشاء إلى سبع مئة، ومن همّ بسيّئة فلم يعملها، لم تكتب عليه حتّى يعملها، فإن لم يعملها، كتبت له حسنة، وإن عملها، اُجّل تسع ساعات، فإن تاب وندم عليها، لم يكتب عليه، وإن لم يتب ولم يندم عليها، كتبت عليه سيّئة» المصدر نفسه / الحديث 20 / ص 39.

6 ـ ما عن مسعدة بن صدقة ـ ولم يثبت توثيقه ـ عن جعفر بن محمّد(عليه السلام)، قال: «لو كانت النيّات من أهل الفسق يؤخذ بها، إذن لاُخذ كلّ من نوى الزنا بالزنا، وكلّ من نوى السرقة بالسرقة، وكلّ من نوى القتل بالقتل، ولكنّ الله عدل كريم ليس الجور من شأنه، ولكنّه يثيب على نيّات الخير أهلها وإضمارهم عليها، ولا يؤاخذ أهل الفسق حتّى يفعلوا» المصدر نفسه / الحديث 21 / ص 40.

والكلام تارة يقع عن حدود دلالة هذه الروايات، وأنّها هل تشمل ما نحن فيه، أو لا؟

واُخرى عما قد يقال بمعارضته لها؛ كي نعرف أنّها هل تعارضها، أو لا؟ وهل تدلّ على المقصود فيما نحن فيه من العقاب على التجرّي، أو لا؟

وثالثة في أنّه بعد فرض تماميّة كلتا الطائفتين سنداً ودلالة ما هو مقتضى الجمع بينهما؟

ورابعة في أنّ دليل الحجّيّة هل يشمل روايات من هذا القبيل ممّا يحكى عن العقاب وجوداً وعدماً دون أن يكشف عن حكم شرعىّ، أو أنّ حالها حال الروايات الحاكية عن موضوعات تكوينيّة كعدد السماوات والأرض والنجوم مثلاً؟ فهذه اُمور أربعة:

الأمر الأوّل: في معرفة حدود دلالة روايات نفي العقاب، فنقول:

أوّلاً: إنّ مفاد هذه الروايات إنّما هو نفي العقاب على النيّة لا على الفعل المتجرّى به.

لا يقال: إنّ مقتضى إطلاق دليل نفي العقاب ما لم يأت بالسيّئة ـ كما هو لسان هذه الروايات ـ هو نفي العقاب مطلقاً، سواء صدر عنه فعل متجرّى به أو لم يصدر، فالعقاب منحصر بما إذا أتى بتلك السيّئة المنويّة، والمفروض في مورد التجرّي أنّه لم يأت بها.

فإنه يقال: إنّ الإطلاق في نفي العقاب في هذه الروايات حيثىّ، سنخ الإطلاق في إباحة المباحات، فكما أنّ دليل إباحة الجبن ـ مثلاً ـ إنّما يدلّ على إباحة الجبن من حيث هو جبن، فلا يدلّ بإطلاقه على إباحته عند ما يكون مغصوباً مثلاً، كذلك فيما نحن فيه تدلّ هذه الروايات على عدم العقاب بمجرّد أن همّ بالمعصية، أمّا لو فعل فعلاً كان يعتقده المعصية المطلوبة فأخطأ ظنّه، فهذه حيثيّة اُخرى غير منظور إليها في هذه الروايات.

ولو غضضنا النظر عن كون الإطلاق حيثيّاً، قلنا: إنّ هذه الروايات إنّما دلّت على أنّ السيّئة التي نواها ولم يفعلها لا تكتب عليه، أمّا الفعل المتجرّى به فهو سيّئة اُخرى غير داخلة في منطوق الروايات، كما هو واضح.

ومن هنا ينفتح باب للاستشكال في دلالة هذه الروايات على نفي العقاب على النيّة؛ وذلك بأن يقال: إنّ لسان هذه الروايات هو لسان أنّ السيّئة المنويّة لا تسجّل على العبد بمجرّد النيّة، وهذا لا ينافي تسجيل نفس النيّة عليه.

إلا أنّ هذا الإشكال غير عرفىّ؛ فإنّ المفهوم عرفاً من هذه الروايات بمناسبة جوّ الامتنان هو نفي العقاب على المنوىّ والنيّة معاً.

وثانياً: إنّ هذه الروايات هل تنفي استحقاق العقاب، أو فعليّته؟ الصحيح: أنّه لا يستفاد منها أكثر من نفي