المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

258


وما عن عبد السلام بن صالح الهرويّ بسند تام، قال: «قلت لأبي الحسن الرضا(عليه السلام): يا ابن رسول الله، ما تقول في حديث روي عن الصادق(عليه السلام)، قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين(عليه السلام) بفعال آبائها؟ فقال(عليه السلام): هو كذلك، فقلت: قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ ما معناه؟ قال: صدق الله في جميع أقواله، ولكن ذراري قتلة الحسين(عليه السلام) يرضون بفعال آبائهم، ويفتخرون بها، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو أنّ رجلاً قتل بالمشرق، فرضي بقتله رجل بالمغرب، لكان الراضي عند الله عزّ وجلّ شريك القاتل، وإنّما يقتلهم القائم(عليه السلام) إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم... الحديث» الوسائل / الجزء 11 / الباب 5 / من الأمر والنهي/ الحديث 4 / ص 401.

وما عنه بنفس السند عن الرضا(عليه السلام) قال: «قلت له: لأىّ علّة أغرق الله عزّ وجلّ الدنيا كلّها في زمن نوح(عليه السلام)، وفيهم الأطفال، ومن لا ذنب له؟ فقال: ما كان فيهم الأطفال؛ لأنّ الله عزّ وجلّ أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم أربعين عاماً، فانقطع نسلهم، فغرقوا ولا طفل فيهم، ما كان الله ليهلك بعذابه من لا ذنب له، وأمّا الباقون من قوم نوح، فاُغرقوا بتكذيبهم لنبىّ الله نوح(عليه السلام)، وسائرهم اُغرقوا برضاهم بتكذيب المكذّبين، ومن غاب عن أمر فرضي به، كان كمن شاهده وأتاه» الوسائل / الجزء 11 / الباب 5 / من الأمر والنهي / الحديث 5 / ص 410.

والجواب عن مثل هذه الروايات ما مضى في ذيل آية حبّ إشاعة الفاحشة: من أنّ العذاب على الحبّ والرضا بصدور الذنب عن قوم لا يلازم العذاب على النيّة أو التجرّي الصادر عن شخص على أساس إغراء نفسه له باللذّات.

لايقال: إنّ الرضا والحبّ أمر غير اختيارىّ، فكيف يعاقب عليه؟! فإنّه يقال: إنّه اختيارىّ بالواسطة بلحاظ أنّ الإنسان قادر على أن يربّي نفسه بجعلها في ضمن أحوال من المطالعات، أو التفكير، أو الإصغاء إلىوعظ الوعّاظ، أو مصاحبة الأخيار، أو غير ذلك بحيث لا يحصل له الرضا بعمل قوم فاسقين.

6 ـ ما عن زيد بن عليّ(عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إذا التقى المسلمان بسيفهما على غير سُنّة، فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله؛ هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: لأنّه أراد قتلاً» الوسائل / الجزء 11 / الباب 67 / من جهاد العدوّ / الحديث الوحيد في الباب ص 113.

ولا يبعد أن يكون المفهوم عرفاً من قوله: «أراد قتلاً» هو ما ذكره اُستاذنا الشهيد(رحمه الله):من أنّه حاول القتل عملاً بمثل تجريد السيف عليه، لا مجرّد النيّة، وهذا ليس عقاباً على التجرّي، بل على فعل المعصية؛ فإنّ مثل هذه المحاولة حرام مستقلّ كحرمة سبّ المؤمن بغضّ النظر عن القتل.

هذا، والراوي لهذا الحديث عن زيد بن عليّ هو عمروبن خالد، ولا دليل على وثاقته عدا وقوعه في أسناد كامل الزيارات، ونحن لا نقول بكون ذلك توثيقاً، وتوثيق ابن فضّال له بناءً على نقل الكشيّ.

7 ـ ما عن أبي عروة السلمىّ، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: «إنّ الله يحشر الناس على نيّاتهم يوم القيامة» الوسائل / الجزء 1 / الباب 5 / من مقدّمة العبادات / الحديث 5 / ص 34.

إلّا أنّ سند الحديث ضعيف، على أنّه لو عارض روايات العفو عن النيّة، فإنّما يعارضها بالإطلاق، فليس المصداق الوحيد للحشر على النيّات العقاب على النيّة، فمن مصاديقه ـ أيضاً ـ تأثير النيّة المقترنة بالعمل في العمل وبالتالي في الحشر، فعمل واحد يؤتى بنيّتين مختلفتين: كنيّة التعبّد، ونيّة الرياء، ويصدق في ذلك أنّ