المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

259


الناس يحشرون على نيّاتهم.

8 ـ روايات العقاب على بعض مقدّمات الحرام من قبيل:

ما عن جابر عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «لعن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها» الوسائل / الجزء 17 / الباب 34 / من الأشربة المحرّمة / الحديث 1 / ص 300. وسند الحديث ضعيف بعمروبن شمر.

وما عن زيد بن عليّ، عن آبائه(عليهم السلام)، قال: «لعن رسول الله(صلى الله عليه وآله) الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها ومشتريها، وساقيها، وآكل ثمنها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه» المصدر نفسه / الحديث 2. وفي السند عمروبن خالد الذي تقدّم الكلام عنه.

وما عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «إنّ الرجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم، فيقول: والله ما قتلت ولا شركت في دم، فيقال: بلى ذكرت عبدي فلاناً فترقى ذلك حتّى قتل، فأصابك مندمه» الوسائل / الجزء 19 / الباب 2 / قصاص النفس / الحديث 1 / ص 8. وسند الحديث تامّ، وتوجد روايات عديدة بشأن من أعان على الدم مقاربة لهذا المضمون واردة في الوسائل / الجزء 19 / الباب 2 / من قصاص النفس.

والواقع: أنّ تحريم مقدّمة من مقدّمات الحرام من قبل الشريعة الإسلاميّة أمر معقول، وما يقال في علم الاُصول: من عدم حرمة مقدّمة الحرام إنّما يعني: أنّ حرمة الشيء لا تستلزم حرمة مقدّمته، ولا يعني: أنّ الشريعة الإسلاميّة لا تستطيع أن تحرّم مقدّمة من المقدّمات لأجل أخذ مزيد من الحيطة.

على أنّ روايات الإعانة على القتل واردة في المقدّمة الموصلة، فحتّى لو تعيّن حملها على العقاب على التجرّي، فالعقاب على التجرّي بإتيان مقدّمة موصلة لا يستلزم العقاب على التجرّي بالإتيان بأمر حلال بتخيّل كونه حراماً كما هو محلّ البحث؛ إذ إنّ من المحتمل كون انتهاء ذاك التجرّي إلى تفويت الغرض على المولى دون هذا التجرّي فارقاً في المقام.

الأمر الثالث: في أنّه هل هناك جمع عرفىّ بين الطائفتين لو تمّتا سنداً ودلالة، أو لا؟

ذهب الشيخ الأعظم (رضوان الله عليه) إلى أنّ كلتا الطائفتين وردتا في القصد، وذكر في مقام الجمع بينهما احتمالين:

الأوّل: حمل طائفة نفي العقاب على من ارتدع عن قصده بنفسه، وحمل طائفة العقاب على من بقي على قصده حتّى عجز عن الفعل لا باختياره.

والثاني: حمل الاُولى على من اكتفى بمجرّد القصد، وحمل الثانية على من اشتغل بعد القصد ببعض المقدّمات.

وكلا هذين الجمعين جمع تبرّعىّ بحاجة إلى شاهد فنّىّ، وقد يجعل الشاهد الفنّيّ لذلك حديثالقاتل والمقتول في النار: «... قيل يا رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: لأنّه أراد قتلاً» بدعوى أنّ هذا الحديث نصّ في مورده، وهو فرض عدم الارتداع عن القصد إلى أن يحصل له العجز، فيخرج ذلك بالتخصيص عن أدلّة نفي العقاب، وبذلك تصبح أدلّة نفي العقاب أخصّ ببركة قاعدة انقلاب النسبة من أدلّة العقاب، فتخصّص بها، وينتج التفصيل الأوّل من التفصيلين اللذين احتملهما الشيخ الأعظم(رحمه الله).