المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

269

عنوان مقطوع الحرمة لم يكن مراداً بذاته، ولا بلحاظ تلازمه مع المراد؛ فإنّ المراد كان هو شرب الخمر مثلاً، ولاإشكال في أنّ شرب الخمر ملازم لشرب مقطوع الحرمة، لكن تلك الحصّة من شرب مقطوع الحرمة الملازمة لشرب الخمر لم تتحقّق؛ لعدم تحقّق شرب الخمر، والحصّة التي تحقّقت لا تلازم شرب الخمر.

ويرد عليه: أنّ استلزام إرادة الشيء ـ بمعنى الشوق المؤكّد ـ لإرادة ما يلازمه ممّا لا يكون مقدّمة له ممنوع؛ فإنّ الإرادة إنّما تنشأ من ملاك في المراد، وذلك غير موجود في ملازمه. وليس حال الإرادة التكوينيّة في ذلك إلّا كحال الإرادة التشريعيّة التي أنكر صاحب الكفاية(رحمه الله) في المجلّد الأوّل من كفايته الملازمة فيها بين المتلازمين.

على أنّه لو تمّ هذا، فهو لا ينفع المحقّق الخراسانىّ في المقام، لا في موارد الشبهة الحكميّة، ولا في موارد الشبهة الموضوعيّة: ففي موارد الشبهة الحكميّة قد أراد ما يلازم شرب مقطوع الحرمة، فمن شرب التتن قاطعاً بحرمته وهو غير محرّم واقعاً، فقد أراد شرب التتن الملازم لشرب مقطوع الحرمة، فبناءً على التلازم في الإرادة بين المتلازمين قد أراد شرب مقطوع الحرمة.

نعم، في الشبهة الموضوعيّة بناءً على عدم صدور فعل اختياريّ عنه أصلاً لم يرد ما يلازم شرب مقطوع الحرمة. أمّا لو سلّمنا بصدور فعل اختيارىّ عنه، فذاك الفعل الاختيارىّ أيّاً كان ملازم لشرب مقطوع الحرمة، إذن فتتوقّف تماميّة هذا الوجه لإثبات عدم قبح الفعل المتجرّى به على القول بعدم صدور فعل اختيارىّ عنه أصلاً، في حين قد جعل صاحب الكفاية دعوى عدم صدور فعل اختياريّ عنه أصلاً في الشبهات الموضوعيّة وجهاً مستقلّاً لإثبات عدم القبح منفصلاً عن هذا الوجه(1).

وهنا إشكال آخر يرد على المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله)، وهو: أنّ برهانه الذي مضى لإثبات


(1) لم يذكر صاحب الكفاية(رحمه الله) ذلك كوجه مستقلّ لإثبات عدم قبح الفعل المتجرّى به، وإنّما ذكره في سياق آخر وإن أمكننا صوغ برهان منه على مدّعاه من عدم القبح. فالاُولى في تتميم الإشكال في المقام على صاحب الكفاية بلحاظ الشبهات الموضوعيّة إنّما هو الإصرار على صدور فعل اختيارىّ عنه على رغم كون الشبهة موضوعيّة على ما سيتّضح ـ إن شاء الله ـ في بحث الوجه الثالث من وجوه إثبات عدم قبح الفعل المتجرّى به.