المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

272

أقول: الجامع المتصوّر في المقام أحد اُمور ثلاثة:

الأوّل: عنوان شرب المائع الذي يكون مقصوداً في الضمن بلاشكّ؛ إذ المائعيّة داخلة في ماهيّة الخمر.

والثاني: عنوان التجرّي بمعناه الأعمّ الثابت في المعصية الحقيقيّة: وهو الهتك والإساءة.

والثالث: عنوان شرب مقطوع الخمريّة، أو مقطوع الحرمة، ونحو ذلك ممّا لا يكون داخلاً في ماهيّة الخمر. والجامع الثاني والثالث ليسا ممّا لابدّ أن يكون مقصوداً في الضمن وإن أمكن فرض قصدهما.

هذا. والمحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) ذكر فيما نحن فيه في تصوير الجامع الأمر الأوّل والثاني دون الثالث.

وأمّا الجواب: فهو أنّ الجامع إنّما هو مراد في الضمن لا استقلالاً، فشرب المائع ـ مثلاً ـ إنّما يكون مراداً في ضمن إرادة شرب الخمر، ومقتضى قانون الإرادة الضمنيّة أنّ الإرادة لا تتعلّق بالجامع، إلّا في ضمن المراد المستقلّ.

أمّا الحصّة الاُخرى من الجامع، فليست متعلّقة للإرادة، فهذا الشخص إنّما أراد جامع شرب المائع، أو جامع التجرّي الموجود في ضمن شرب الخمر، والذي وقع هو حصّة اُخرى من الجامع.

وبهذا البيان اتّضح أنّه لو أبطلنا الوجه الأوّل، وأثبتنا أنّ شرب مقطوع الخمريّة مراد، بقي للمحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) هذا الوجه؛ إذ يقال: صحيحٌ أنّ شرب مقطوع الخمريّة مراد في الضمن، لكن الحصّة المرادة منه التي هي في ضمن شرب الخمر لم تقع، والحصّة التي وقعت لم تقصد(1).


(1) لعلّ هذا إشارة إلى الجواب عمّا ذكرناه آنفاً: من أنّ جعل هذا الوجه برهاناً مستقلّاً على عدم القبح في مقابل البرهان الأوّل ليس جيداً، فيقال في الجواب عن ذلك: إنّ البرهان الأوّل إن فرض بطلانه للإيمان بتعلّق الإرادة بشرب مقطوع الخمريّة، يبقى البرهان الثالث ثابتاً على قوّته؛ لأنّه يثبت أنّ أيّ عنوان من العناوين الجامعة المتصوّرة في المقام لو سلّم تعلّق الإرادة به، فإنّما تعلّقت الإرادة بالحصّة التي هي في ضمن شرب الخمر، ولم توجد، ولم تتعلّق بالحصّة التي وجدت من الجامع.

ولكن سيأتي ـ إن شاء الله ـ أنّ هذا الكلام يكون روحه روح البرهان الأوّل لا الثالث، فانتظر.