المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

273

ويرد عليه:

أوّلا: النقض بالمعصية الحقيقيّة عند إرادة فرد من الجامع ووقوع فرد آخر منه، كما لو أراد شرب الخمر المتّخذ من الزبيب، ثُمّ تبيّن أنّ ما شربه كان متّخذاً من العنب، وكما لو أراد شرب الخمر الواقع في الساعة العاشرة من النهار، ثُمّ تبيّن وقوعه في الساعة التاسعة، ونحو ذلك من الفروض التي لا غبار على صدق عنوان القبيح على الفعل، واستحقاق العقاب عليه فيها وجداناً. ولا يمكن للمحقّق الخراسانىّ(رحمه الله)الالتزام بخلافه مع أنّ ما ذكره في المقام لو تمّ لجرى في هذه الفروض حرفاً بحرف، فيقال: إنّه إنّما قصد جامع المعصية في ضمن الفرد الذي لم يقع، والحصّة الواقعة منه غير مقصودة له.

وثانياً: أنّ ما ذكره لو تمّ فإنّما يتمّ بلحاظ شرب المائع دون الجامع الآخر، وهو عنوان التجرّي. وكان الأولى به أن ينكر انطباق عنوان التجرّي على هذا الفعل. أمّا ما فعله من تسليم انطباقه عليه مع تسليم أنّ هذا الفعل ليس قصديّاً، فهو جمع بين المتنافيين؛ لأنّ عنوان التجرّي والإهانة ليس من العناوين الواقعيّة للفعل التي يمكن انطباقها على الفعل من دون أن يكون الفعل قصديّاً كعنوان شرب المائع، بل هو في قبال عنوان التعظيم، وهما عنوانان قصديّان، وقوامهما بالقصد والإراده، فلا يعقل انطباقهما على فعل غير إرادىّ.

وحلّ المغالطة: أنّه تارة يفرض أنّ الميزان في اختياريّة الفعل كونه بنفسه مصبّاً للإرادة، واُخرى يفرض أنّ الميزان فيه كونه معلولاً لمحرّكيّة الإرادة وصادراً بتحريكها، فإن فرض الأوّل، تمّ ما ذكره من عدم صدور فعل اختياريّ عنه؛ إذ ما كان اختياريّاً لم يصدر، وما صدر لم يكن اختياريّاً. وأمّا إن فرض الثاني، فعدم كون ما صدر عنه اختياريّاً ممنوع؛ فإنّه صادر بمحرّكيّة الإرادة.

توضيح ذلك: أنّ الإرادة بمعنى الشوق المؤكّد ـ دائماً ـ تتعلّق حقيقتها بالكلّي، وتحرّك الإنسان ـ بحسب الخارج ـ نحو الفرد بواسطة وصول انطباق ذاك الكلّي على هذا الفرد إليه بالعلم أو بغيره من أنحاء الوصول، وهذا الوصول يحرّكه نحو ذلك الفرد سواء كان مطابقاً للواقع أو لا(1).

 


(1) هذا كلّه بعد فرض التنزّل عمّا مضى: من أنّ المقياس في اختياريّة الفعل ليست هي الإرادة بمعنى الشوق المؤكّد، بل هي السلطنة الموجودة في المقام حتماً.