المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

292

أمّا الصياغة الاُولى المستفادة من صدر كلام صاحب الكفاية، فيرد عليها: أنّ إضافة العلم إلى المعلوم إن قصد بها إضافته إلى المعلوم بالذات، وهو الصورة الحاصلة لدى النفس، فهي إضافة إشراقيّة كإضافة الوجود إلى الماهيّة، لا إضافة مقوليّة التي هي عبارة عن النسبة المتكرّرة بين شيئين متباينين خارجاً كالأبوّة والبنوّة والفوقيّة والتحتيّة، والإضافة الإشراقيّة ليست إضافة بين شيئين متباينين إلّا بالتحليل، وهي عين ظهور المضاف إليه وإشراقه، إذن فهذه الإضافة هنا عين الانكشاف والعلم، وليست شيئاً آخر وراءه كي يقسّم العلم الموضوعيّ بلحاظه إلى قسمين: تارة بأخذه بعين الاعتبار، واُخرى بغضّ النظر عنه.

وإن قصد بها الإضافة إلى المعلوم بالعرض التي هي إضافة مجازيّة، فهذه كانت إضافة بين أمرين متباينين خارجاً وليست إشراقاً، ولكن ليس كلّ علم مشتملاً على هذه الإضافة؛ إذ ربّما لا يكون هناك معلوم بالعرض أصلاً كما في موارد الخطأ، فلا يتمّ تقسيم العلم الموضوعىّ بلحاظه إلى قسمين، إلّا في خصوص العلم المصادف للواقع. فهذا التقسيم إنّما هو يتعقّل على مبنى المحقّق النائينىّ(رحمه الله) القائل: إنّ العلم الموضوعىّ الطريقىّ


وثانيهما: عدم قصر النظر على جهة الكشف، فجهة الكشف ملحوظة، ولكن الجهة الاُخرى ملحوظة أيضاً، وهذا يكفي في أن يتّضح عدم قيام الأمارات والاُصول مقامه؛ فإنّ الدافع إلى هذا التقسيم في الحقيقة هو: أنّ قيام الأمارات والاُصول مقام الموضوعىّ الصفتىّ بدليل الحجّيّة غير معقول، في حين هناك مجال للبحث عن قيامها مقام الموضوعىّ الطريقىّ بنفس دليل الحجّيّة بدعوى أنّ دليل الحجّيّة قد أعطاها طريقيّة، والعلم إنّما كان موضوعاً بنكتة طريقيّته، ونفس النكتة موجودة في الحجج الشرعيّة. وهذا الفارق كما ترى لا يتوقّف على فرض إلغاء جهة الكشف في الموضوعىّ الصفتىّ، بل يكفي فيه دخل جهة اُخرى غير الكشف في الحكم ولو إضافة إلى الكشف؛ فإنّ دليل الحجّيّة بما هو لا يفي بتأمين تلك الجهة الاُخرى.

ويرد على هذا البيان: أنّ نوريّة العلم لنفسه، أو قل: حضوره لدى النفس ليس أمراً وراء كاشفيّته، بل هو متمّم للكاشفيّة؛ فإنّ العلم إنّما يجعل الاُمور الاُخرى حاضرة لدى النفس بالعرض وبالصور، ومنكشفة لديها باعتبار حضوره هو بالذات لدى النفس. فلحاظ هذا الجانب لا يعني لحاظ أمر آخر غير الكاشفيّة مضافاً إلى الكاشفيّة كي يترتّب على ذلك وضوح عدم قيام الحجج الاُخرى مقامه ـ مثلاً ـ ولو في خصوص ما لو لم تكن تلك الحجّة من المعلومات الحضوريّة لدى النفس كالظنّ ـ مثلاً ـ الذي هو كالعلم في كونه من المعلومات الحاضرة لدى النفس.