المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

296

هذا. وقد اتّضح ممّا حقّقناه: أنّ ما ذكره المحقّق الإصفهانىّ(رحمه الله) من إنكار انقسام القطع الموضوعىّ إلى ما اُخذ بنحو الصفتيّة وما اُخذ بنحو الكاشفيّة ناشئ من عدم الالتفات إلى تمام جهات المطلب.

بقي هنا شيء، وهو: أنّ المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) زاد على أقسام القطع الصفتىّ القطع المأخوذ بما هو صفة للمقطوع به: بأن كان جزء الموضوع أو تمامه.

ويرد عليه: أنّه إن قصد بذلك أخذه بما هو صفة للمعلوم بالذات، فهذا ليس قسماً جديداً؛ فإنّ كلّ قطع اُخذ موضوعاً بما هو صفة للقاطع قد لوحظ فيه صفتيّته للمقطوع به بالذات حتماً؛ إذ لولا ذلك للزم ترتّب الحكم على القطع بأىّ شيء من الأشياء. وكلّ قطع اُخذ موضوعاً بما هو صفة للمقطوع به قد لوحظت فيه صفتيّته للقاطع حتماً؛ إذ لولا ذلك لزم توجّه الحكم إلى هذا الشخص بمجرّد حصول القطع لشخص آخر.

وإن قصد بذلك أخذه بما هو صفة للمعلوم بالعرض، ورد عليه:

أوّلاً: أنّ هذا عين الكاشفيّة على تفسيره(رحمه الله) ؛ إذ فسّر الكاشفيّة بأخذ القطع بما له من إضافة إلى المقطوع به، وهذا عبارة اُخرى عن كونه صفة للمقطوع به.

وثانياً: أنّ هذا يلزمه اختصاص ما اُخذ بما هو صفة للمقطوع به بجزء الموضوع،


خصوصيّة تميّزه من الفرد الآخر كما هو شأن كلّ فرد يجمعه جامع مع فرد آخر، فيستظهر عدم قيام الفرد التعبّدىّ مقامه. وبهذا البيان اتّضح: أنّ هذا التفسير لتقسيم العلم الموضوعىّ إلى الصفتىّ والطريقىّ ينبع من حاقّ عقليّة الدافع إلى أصل هذا البحث.

وهذا أنسب بمثال النذر الذي ذكره الشيخ الأعظم(رحمه الله) من الوجه الذي استلهمه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) من هذا المثال؛ ذلك لأنّ مجرّد كون هدف الناذر حصول الطمأنينة وسكون النفس ـ مثلاً ـ لايجعل هذه الملازمات داخلة في موضوع النذر، وإنّما هي دواع إلى النذر، فلما ذا يعتبر العلم الذي كان متعلّقاً للنذر صفتيّاً، والعلم الذي جاء موضوعاً في بعض الأدلّة الشرعيّة طريقيّاً؟! في حين يكون من حقّ الشيخ الأعظم(رحمه الله) أن يقول: إنّ العلم الذي هو كشف إذا جعل موضوعاً في لسان الشارع الذي جعل الأمارة كشفاً أيضاً، فإنّي أستظهر من ذلك أنّه جعله موضوعاً بما هو كشف في مذاقه، والكشف في مذاقه يشمل الأمارة. أمّا الناذر حينما يكون موضوع نذره هو العلم، فإنّما يقصد طبعاً الفرد الحقيقىّ لا الجامع بين الحقيقىّ والتعبّدىّ. ودليل الوفاء بالنذر إنّما يدور مدار مقصود الناذر، فلا معنىً لقيام الأمارة هنا مقام العلم.