المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

300

قد يجاب عن هذه الشبهة بمبنى المحقّق النائينىّ(رحمه الله): من جعل الطريقيّة، فيقال: إنّ البيان قد تمّ باعتبار أنّ الأمارة جعلت علماً وطريقاً تعبّداً، فالعقاب بلا علم قبيح، ولكن العلم قد حصل ولو بفرده التعبّدىّ، فقد انتهى موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

وتحقيق الحال في مبنى جعل الطريقيّة وتصويره ثبوتاً، وتوجيهه إثباتاً سيأتي ـ إن شاء الله ـ في بحث قيام الأمارات مقام القطع الموضوعىّ الطريقىّ. ونقول هنا: إنّ هذا الجواب لو تمّ فإنّما يتمّ في باب الأمارات المدّعى فيها جعل الطريقيّة دون الاُصول التنزيليّة فضلاً عن غير التنزيليّة، فلابدّ في مقام دفع الشبهة من التفتيش عن نكتة لاستحقاق العقاب، وتنجّز الواقع تعمّ تمام الموارد. وربّما يظهر بعد فهم تلك النكتة أنّ ضمّ جعل الطريقيّة إليها كضمّ الحجر إلى جنب الإنسان.

هذا. وأجاب المحقّق العراقىّ(رحمه الله) عن الشبهة في المقام بجوابين:

الأوّل: أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان تختصّ بما إذا لم نقطع بأنّ المولى على تقدير ثبوت الحكم المشكوك لا يرضى بتركه في ظرف الشكّ. وعلى هذا الأساس نقول بوجوب النظر في المعجز عند الشكّ في النبوّة؛ وذلك للقطع بعدم الرضا بالفوت على تقدير ثبوت الواقع. ودليل حجّيّة الأمارة أو الأصل يورث القطع بذلك. أمّا كيف يورث القطع بذلك، فظاهر عبارة المحقّق العراقىّ(رحمه الله) هو أنّ دليل حجّيّة الأمارة أو الأصل يحفظ الحكم في مورد الشكّ بجعل الاحتياط ونحوه، وهذا يدلّنا على اهتمام المولى بحكمه إلى حدّ لا يرضى بفواته عند الشكّ؛ فإنّ هذا الحفظ في الحقيقة معلول لذلك الاهتمام.

ونحن نوافق على أصل اختصاص قبح العقاب بلا بيان بما إذا لم نعلم باهتمام المولى بالحكم بدرجة لا يرضى بفواته عند الشكّ لو آمنّا بأصل قاعدة قبح العقاب بلا بيان، إلّا أنّه يرد على ظاهر كلام المحقّق العراقىّ في كيفيّة إثبات العلم بهذا الاهتمام عن طريق دليل الأمارة والأصل: أنّ هذا دور؛ فإنّ حفظ المولى للحكم بدليل الحكم الظاهرىّ يتوقّف على منجّزيّة الحكم الظاهرىّ للحكم الواقعىّ، في حين أنّ هذا التنجيز يتوقّف بحسب الفرض على علمنا باهتمام المولى بالحكم إلى حدّ لا يرضى بتركه عند الشكّ، وهذا العلم يتوقّف بدوره على حفظ المولى للحكم ؛ إذ افترض المحقّق العراقىّ(رحمه الله) أنّنا نكتشف اهتمام المولى بالحكم من حفظه له بدليل الاحتياط ـ مثلاً ـ عن طريق الإنّ.