المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

313

للظنّ (حالة كونه ملحوظاً آليّاً، وحالة كونه ملحوظاً استقلاليّاً)، ونفس اللحاظين الآلىّ والاستقلالىّ قد تحقّقا عند الجعلين قبل هذا الإخبار، فلم يلزم الجمع بين لحاظ آلىّ ولحاظ استقلالىّ.

ثُمّ استدرك هو(رحمه الله) في تعليقته على الرسائل على هذا البيان بأنّه: صحيح أنّ إشكال الجمع بين اللحاظين لا يرد على تقدير الإخبار، ولكن يبقى الدليل على ثبوت كلا التنزيلين هو الإطلاق، ولا إطلاق في المقام؛ لوجود القدر المتيقّن في المقام، وهو إقامة الظنّ مقام القطع الطريقيّ، وذلك يضرّ بتماميّة الإطلاق ومقدّمات الحكمة.

أقول: نحن قد حقّقنا في محلّه عدم مضرّيّة وجود القدر المتيقّن بالإطلاق ومقدّمات الحكمة، سواء كان من الخارج أو في مقام التخاطب. ولكن مع ذلك نقول في المقام بعدم إمكان التمسّك بالإطلاق لإثبات التنزيل بكلا اللحاظين، لالوجود القدر المتيقّن كما قال، بل لأنّ ما يثبته الإطلاق هو إلغاء الخصوصيّات، ومقصودنا فيما نحن فيه هو الجمع بين الخصوصيّات، فليس حال الإطلاق في المقام حال الإطلاق في (أحلّ الله البيع) للبيع العقدىّ والمعاطاتىّ مثلاً، فلو قال: (أحلّ الله البيع)، كان مقتضى إطلاق الكلام عدم دخل المعاطاتيّة والعقديّة في الحكم، وهذا ينتج سريان الحكم إلى العقدىّ والمعاطاتىّ معاً. أمّا فيما نحن فيه، فسريان الحكم إلى كلّ من الظنّ الآلىّ والاستقلالىّ ليس نتيجة عدم دخل الآليّة والاستقلاليّة في الحكم، وإنّما هو نتيجة دخل كلتيهما في الحكم، والإطلاق لا يفيد ذلك.

نعم هنا كلام، وهو: أنّ في قوله: (أحلّ الله البيع) كما يحتمل عدم دخل المعاطاتيّة والعقديّة في الحكم كذلك يحتمل دخل كلتيهما في الحكم؛ لأنّ بيان الحكم الذي يكون في عالم الثبوت بنحو العموم بلسان الإطلاق إثباتاً ليس مخالفاً للبيان العرفىّ، فيمكن أن يتوهّم أنّ هذا بعينه يأتي في المقام، فيقال: صحيح أنّ الإطلاق لم يقتض الكشف عن دخل الآليّة والاستقلاليّة في الحكم، لكنّهما كانتا دخيلتين في عالم الثبوت، ولم يذكرهما المولى في عالم الإثبات، كما فرضنا أنّ العقديّة والمعاطاتيّة دخيلتان في عالم الثبوت، ولم يذكرهما المولى في مقام الإثبات، على ما هو شأن بيان ما هو عامّ ثبوتاً بلسان الإطلاق إثباتاً الذي قلنا: إنّه ليس مخالفاً للبيانات العرفيّة.