المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

358

ولذا قال: إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق، فنبرأ ممّن قاله، ونقول: الذي جاء به شيطان، فالإمام(عليه السلام) ردعه عن هذا القطع بكونه حاصلاً من القياس، وأنّ السنّة إذا قيست، محق الدين، فهذا الحديث ـ أيضاً ـ نظير كلام الشيخ الأعظم(قدس سره) في جعل القطع مانعاً عن الحكم.

ووجّه المحقّق النائينىّ(رحمه الله) هذه الرواية وكلام الشيخ الأعظم(قدس سره) بمسلكه الذي مضى: من التقييد بواسطة متمّم الجعل.

والسيّد الاُستاذ سجّل الإشكال على الشيخ الأعظم، وأمّا الرواية فردّها بضعف السند، وبالنقاش في دلالتها: بأنّ من المحتمل أنّ أباناً لم يكن حصل له القطع بالحكم، وإنّما حصل له الظنّ(1).

أقول: التحقيق: أنّ هذه الرواية أجنبية عمّا نحن فيه: من مانعيّة القطع عن الحكم؛ فإنّ كون القطع مانعاً إنّما يتصوّر فيما إذا كان الحكم ثابتاً في الواقع، لكنّه كان مقيّداً بعدم القطع عن هذا الطريق. وأمّا في مورد الرواية، فالمفروض فيها عدم ثبوت الحكم الذي تخيّله أبان سواء قطع هو بثبوته، أوْ لا ؛ فإنّ المرأة ـ بحسب ما في هذه الرواية ـ تعاقل الرجل في الديّة إلى الثلث، وبعد ذلك ترجع ديّتها إلى النصف، وببالي ـ إن لم تخنّي الذاكرة ـ أنّي ذكرت هذا البيان للسيّد الاُستاذ، فعدل عن فرض كون الرواية واردة فيما نحن فيه.

وعلى أىّ حال، فهذه الرواية لا تنطبق على مسألة أخذ القطع مانعاً عن متعلّقه


(1) جاء في مصباح الاُصول النقاش في هذه الرواية:

أوّلاً: بضعف السند.

وثانياً: بأنّه لادلالة على كون أبان قاطعاً بذلك، فلعلّه كان مطمئنّاً به، وتعجّبه الذي كان يبرزه بقوله: (كنّا نقول من جاء به شيطان) لا يدلّ على أكثر من ذلك.

وثالثاً: بأنّ الإمام(عليه السلام) (على تقدير فرضه قاطعاً) قد أزال قطعه ببيان الواقع، لا أنّه ردعه عن العمل بقطعه مع فرض بقاء القطع على حاله.

أقول: إشكال ضعف السند غريب في المقام؛ فإنّ سنده واضح الصحّة، وهو كما جاء في الوسائل مايلي: محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبان بن تغلب. ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد ابن أبي عمير. ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجّاج مثله.