المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

359

أصلاً،(1) وإنّما تنطبق على الردع عن حجّيّة القطع الطريقىّ، أو سلب القطع من نفس أبان تكويناً، أو بيان أنّه لم يكن ينبغي له حصول القطع بذلك؛ لأنّ دين الله لا يصاب بالعقول، وأنّ القياس يمحق الدين.

وأمّا كلام الشيخ الأعظم(قدس سره) فتصحيحه يكون بتحقيق أصل المطلب، وبيان عدم استحالة أخذ القطع بالحكم مانعاً عن متعلّقه، وأنّ قياسه بأخذ القطع شرطاً لمتعلّقه قياس مع الفارق. وشرح الكلام في ذلك: أنّ أخذ القطع بالحكم مانعاً عن متعلّقه يتصوّر بوجهين:

الأوّل: أخذ القطع بالجعل مانعاً عن المجعول، وقد عرفت أنّ أخذ القطع بالجعل شرطاً للمجعول ممكن فضلاً عن أخذه مانعاً.

الثاني: أخذ القطع بالمجعول مانعاً عنه.

والتحقيق: أنّ هذا ـ أيضاً ـ ممّا لااستحالة فيه، ولا يأتي هنا شيء من الإشكالات التي مضى ذكرها في أخذ القطع بالحكم شرطاً لمتعلّقه، وهي أربعة:

الأوّل: الدور ببيان أنّ العلم بالحكم متوقّف على الحكم، فلو اُخذ في موضوعه، وتوقّف الحكم عليه، لزم الدور.

وأنت ترى أنّ هذا الإشكال لا يرد في المقام؛ إذ لو سلّم توقّف العلم بالحكم على نفس


(1) لايخفى أنّ من يحمل هذه الرواية على أخذ القطع القياسىّ مانعاً عن متعلّقه، ليس مقصوده كون القطع القياسىّ ـ دائماً ـ مطابقاً للواقع في حدّ ذاته، إلّا أنّه يمنعه ويفنيه؛ فإنّ هذا واضح البطلان، وإنّما مقصوده من مانعيّة القطع القياسىّ هو: أنّه لو كان الحكم الذي قطع به ثابتاً في نفسه، لزال بهذا القطع، وصدق هذه القضيّة الشرطيّة في مورد الرواية لا ينافي عدم صدق الشرط فيه كي يجعل انتفاء الحكم من أصله في مورد الرواية دليلاً على كون الرواية أجنبيّة عمّا نحن فيه.

ولعلّ مقصود اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): مجرّد بيان أنّ الرواية لا دلالة فيها على مانعيّة القطع القياسىّ عن الحكم ما دمنا نعلم أنّ المفروض في مورد الرواية انتفاء الحكم من أصله، ولعلّ حمل المحقّق النائينىّ(رحمه الله) للرواية على مانعيّة القطع من الحكم كان لأجل علاج ما قد يفهم منه من الردع عن القطع الطريقىّ الناشئ من القياس، فبما أنّ الردع عن القطع الطريقىّ مستحيل كان هذا قرينة عند المحقّق النائينىّ على إرادة مانعيّة القطع القياسىّ التي يمكن تحقيقها في رأي المحقّق النائينىّ بمتمّم الجعل.

ولكن يرد عليه عندئذ: أنّ صرف الرواية عن الردع عن القطع الطريقىّ لا يحصر أمر الرواية بالحمل على مانعيّة القطع القياسىّ، ولا يوجب ظهورها في ذلك، بل يمكن حملها على إرادة إفناء قطع أبان تكويناً، أو مجرّد بيان أنّ هذا القطع لم يكن في محلّه.