المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

364

أمّا إذا كان الظنّ حجّة شرعاً، فأخذه موضوعاً بما هو كاشف من دون أن يرجع إلى أخذ الجامع بين القطع والظنّ بمكان من الإمكان؛ وذلك بأن يكون الموضوع الحجّيّة التعبّديّة، ومن المعلوم: أنّ القطع ليس حجّة تعبّداً (1).

الثاني: انقسام الموضوعيّ منه إلى كونه تمام الموضوع، أو جزء الموضوع. وهذا التقسيم كان متصوّراً في باب القطع. أمّا في الظنّ فلا إشكال في أخذه تمام الموضوع، كما لا إشكال في أخذه جزء الموضوع عند ما يكون الجزء الآخر شيئاً آخر غير متعلّقه. أمّا إذا فرض الجزء الآخر عبارة عن متعلّقه وجوداً أو عدماً، فهناك فرق بين الظنّ الذي يكون حجّة شرعاً، والظنّ الذي لا يكون حجّة:

ففي الظنّ الذي يكون حجّة نقول: إنّ من الممكن كون الموضوع مركّباً منه ومن متعلّقه وجوداً، فالجزء الأوّل من الموضوع ثابت بالوجدان، والجزء الثاني ثابت بالتعبّد، ولكن لا يمكن تركّب الموضوع منه ومن متعلّقه عدماً؛ لأنّ هذا الموضوع يستحيل وصوله إلى المكلّف؛ إذ لو كان الظنّ حجّة، فكيف يتصوّر ثبوت عدم متعلّقه عند المكلّف؟! ولو فرض قيام حجّة شرعيّة لدى المكلّف غير هذا الظنّ على عدم متعلّقه، وقع التعارض بينها وبين هذا الظنّ، وخرج هذا الظنّ عن كونه حجّة.

وفي الظنّ الذي لا يكون حجّة نقول: من الممكن كون الموضوع مركّباً منه ومن متعلّقه وجوداً أو عدماً؛ لإمكان وصول الموضوع بكلا جزئيه إلى المكلّف: أمّا الجزء الأوّل وهو الظنّ، فبالوجدان، وأمّا الجزء الثاني، فإن كان عبارة عن متعلّق الظنّ وجوداً، فيمكن أن يصل بأحد أمرين:

الأوّل: قيام حجّة شرعيّة على طبق ذلك الظنّ.

والثاني: ثبوت حكم شرعىّ على فرض مخالفة ذلك الظنّ للواقع، فيتشكّل ـ عندئذ ـ علم إجمالىّ بفعليّة ذلك الحكم، أو الحكم المترتّب على الظنّ.

وإن كان عبارة عن متعلّق الظنّ عدماً، فدائماً يتشكّل علم إجمالىّ بصحّة متعلّق الظنّ، أو فعليّة الحكم المترتّب على الظنّ، فإن قامت حجّة شرعيّة على خلاف ذلك الظنّ، ثبت


(1) وأمّا إذا فسّرنا الموضوعىّ الطريقىّ بما اُخذ موضوعاً بوصفه داخلاً في جامع الحجّة، والموضوعىّ الصفتىّ بما اُخذ موضوعاً بخصوص ذاته، فمن الواضح: أنّ هذا التقسيم إنّما يجري في الظنّ الحجّة، ولا يجري في غيره.