المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

365

ظاهراً الحكم المترتّب على الظنّ، وإلّا كفى في وصوله نفس ذاك العلم الإجمالىّ.

الثالث: انقسام الموضوعىّ إلى كونه موضوعاً لخلاف متعلّقه، أو ضده، أو مثله، أو نفسه. وقد عرفت بالنسبة إلى القطع ما أمكن منها وما لم يمكن. وأمّا بالنسبة إلى الظن فتارة يقع الكلام في الظنّ الذي يكون حجّة، فلا إشكال في جعله موضوعاً لخلاف متعلّقه كالقطع. ويستحيل جعله موضوعاً لضدّ متعلّقه كالقطع؛ لوقوع التهافت بين حجّيّته والحكم المترتّب عليه. وأمّا جعله موضوعاً لمثل متعلّقه، فبمكان من الإمكان، كما قلنا بإمكانه في باب القطع، بل الإمكان هنا أوضح؛ لأنّ برهان المحقّق النائينىّ(رحمه الله) على الاستحالة لو تمّ هناك لا يأتي هنا، وهو: كون النسبة بين الحكمين عموماً مطلقاً في نظر القاطع؛ فإنّ النسبة هنا بينهما عموم من وجه حتّى في نظر الظانّ؛ فإنّ الظانّ يحتمل خطأ نفسه. وأمّا جعله موضوعاً لنفس متعلّقه شرطاً، فمحال كالقطع؛ لنفس ما كان مختاراً في باب القطع من الوجهين:

الأوّل: لزوم التهافت بين الطبيعتين؛ فإنّ طبيعة الظنّ هو الكشف الناقص عن شيء يرى ثبوته مستقلّاً عن الظنّ وبقطع النظر عنه.

والثاني: أنّ العلم بالحكم متوقّف على العلم بموضوعه الذي هو الظنّ بالحكم بحسب الفرض، والعلم بالظنّ بالحكم هو نفس الظنّ؛ لأنّ الظنّ من المعلومات الحضوريّة لدى النفس، ولا أقلّ من كونه متوقّفاً على الظنّ بالحكم كتوقّف العلم بالمحسوسات على الإحساس، فلزم كون العلم بالحكم معلولاً للظنّ بالحكم بلا واسطة، أو بواسطة العلم بالظنّ، وقد لزم من ذلك العلم باجتماع الضدّين، وهما الظنّ والعلم.

وأيضاً الظنّ بالحكم متوقّف على الظنّ بموضوعه الذي هو الظنّ بالحكم، فالظنّ بالحكم متوقّف على الظنّ بالظنّ، والظنّ بالظنّ محال: أمّا أوّلاً فللزوم الدور، أوالتسلسل، أوخلل بالدماغ الذي هو خارج عن محلّ الفرض، وأمّا ثانياً فلأنّ الظنّ من المعلومات الحضوريّة لدى النفس، فلا يمكن الشكّ فيه. ويأتي تصوير التسلسل في جانب العلم بالظنّ أيضاً.

وإن شئت فقل: إنّ جامع التصديق بالحكم متوقّف على جامع التصديق بالموضوع، والأوّل إمّا أن يفرض في ضمن القطع بالموضوع، أو في ضمن الظنّ به، فهناك صور أربع،