المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

366

على مختلف الصور كما يظهر بالتأمّل، ولعلّ الإشكال هنا أشدّ من بعض الجهات من الإشكال في أخذ العلم شرطاً لمتعلّقه.

وأمّا جعله مانعاً عن متعلّقه، فغير ممكن بخلاف القطع، والفرق بينهما: أنّه في باب القطع ربّما يتعلّق غرض المولى بثبوت الحكم على غير القاطع بشخص الحكم المجعول، إمّا لعدم المقتضي بالنسبة إلى القاطع بشخص الحكم، أو لوجود المانع عن الجعل في حقّه، فيقيّد الحكم بعدم القطع بشخصه حتّى يفيد استحالة تحقّق القطع المانع. أمّا بالنسبة إلى الظنّ الذي جعله حجّة، فكان بإمكانه التوصّل إلى غرضه بعدم جعله حجّة، فجعله أوّلاً حجّة، ثُمّ أخذ الظنّ الذي يكون حجّة مانعاً ليس إلّا تبعيداً للمسافة.

وأمّا الظنّ الذي لا يكون حجّة، فلا إشكال في جعله موضوعاً لخلاف متعلّقه. وأمّا جعله موضوعاً لضدّ متعلّقه، فذهب المحقّق الخراسانىّ(قدس سره) إلى إمكانه بخلاف باب القطع؛ لانحفاظ مرتبة الحكم الظاهرىّ في المقام، وهي الشكّ، فيجمع بين الحكم المظنون والحكم المترتّب على الظنّ بلاإشكال.

وأورد عليه المحقّق النائينىّ والسيّد الاُستاذ: أنّ الجمع بين الحكمين لا يتمّ بمجرّد انحفاظ مرتبة الحكم الظاهرىّ، وإنّما يتمّ إذا كان أحدهما ظاهريّاً والآخر واقعيّاً، أمّا فيما هو المفروض من أخذ الظنّ موضوعاً لحكم واقعىّ، فلايمكن الجمع.

وهذا الإشكال منهم متين على مبناهم في باب الجمع بين الحكم الظاهرىّ والواقعىّ.

نعم، يبقى هنا استدراك، وهو: أنّه يمكن جعل الظنّ موضوعاً لضدّ متعلّقه بنحو الشرطيّة، بشرط أن يكون الظنّ جزء الموضوع، ويكون جزؤه الآخر عبارة عن عدم متعلّقه؛ إذ مع فرض كون الموضوع خصوص الظنّ المخالف للواقع لايأتي إشكال اجتماع الضدّين، لافي الواقع، ولا في ظنّ المكلّف. وهذا الحكم الذي هو ضدّ متعلّق الظنّ قابل للوصول إلى المكلّف بدليل شرعىّ يكون حجّة مع الظنّ بالخلاف، أو بنفس العلم الإجمالىّ الذي يتولّد من جعل ذلك الحكم على خصوص الظنّ المخالف، فمثلاً لو جعل الظنّ بوجوب الصلاة بقيد المخالفة موضوعاً لاستحبابها، يحصل للمكلّف علم إجمالىّ بوجوب الصلاة أو استحبابها، وبالتالي يعلم بأصل مطلوبيّتها.