المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

367

وأمّا جعله موضوعاً لمثل متعلّقه، فبمكان من الإمكان، بل الإمكان هنا أظهر من الإمكان في باب القطع وفي باب الظنّ الذي يكون حجّة؛ إذ لا برهان المحقّق النائينىّ (رحمه الله)على الاستحالة يأتي في المقام: وهو كون النسبة بين الحكمين عند القاطع عموماً مطلقاً، ولا برهان السيّد الاُستاذ يأتي في المقام: وهو لزوم اللغويّة؛ لتماميّة المحرّك المولوىّ في المرتبة السابقة؛ وذلك لأنّ المفروض في المقام عدم حجّيّة الظنّ، فلم يتمّ المحرّك. نعم، يأتي هنا ما مضى من البرهان الثالث هناك. وأمّا البرهان الرابع فيأتي هنا من ناحية أن الحكم الأوّل لا يمكن تخصيصه بغير فرض الظنّ به على مبناهم: من استحالة أخذ الظنّ بالحكم مانعاً عن متعلّقه. وأمّا تخصيص الحكم الثاني بغير فرض المصادفة، فلا مانع منه هنا؛ إذ ربّما يصل بقيام حجّة شرعيّة على عدم المصادفة(1).

وأمّا جعله شرطاً لمتعلّقه، فلايمكن؛ لعين ما مضى من الوجهين.

وأمّا جعله مانعاً عن متعلّقه، فبمكان من الإمكان كالقطع، للفرق بينه وبين الظنّ الذي يكون حجّة؛ لأنّ الظنّ الذي يكون حجّة كان من الممكن نفيه خارجاً بعدم جعل الحجّيّة، فجعله حجّة، ثُمّ جعل الظنّ الحجّة مانعاً عن الحكم تطويل للمسافة. وأمّا ذات الظنّ فلا يمكن للمولى بما هو مولى نفيه خارجاً، إلّا بجعله مانعاً.

هذا تمام الكلام في أقسام الظنّ. وإنّما تعرضّنا لهذا البحث مع أنّه لم يقع مثل هذه التقسيمات في الشريعة تأسّياً بالشيخ الأعظم(قدس سره) حيث تعرّض لذلك في ذيل مبحث أقسام القطع.

 


(1) لايخفى أنّه إذا أمكن تخصيص أحد الحكمين، بطل البرهان الرابع، حيث يلتزم في مقابله بتخصيص أحد الحكمين دون الآخر، ولا يلزم من ذلك الترجيح بلامرجّح؛ لأنّ المفروض عدم إمكانيّة تخصيص الحكم الآخر، فتخصيص ما أمكن تخصيصه ليس ترجيحاً بلامرجّح، وهو كاف في رفع إشكال اجتماع المثلين، إذن فلو كنّا نحن والبرهان الرابع في المقام، لكانت النتيجة: أنّه لامانع من جعل الظنّ بالحكم موضوعاً لمثل الحكم، بشرط أن يكون الموضوع خصوص الظنّ المخالف للواقع؛ إذ في فرض المخالفة لايتمّ البرهان، أمّا في فرض المصادفة فلايمكن جعله موضوعاً لمثل الحكم؛ للزوم اجتماع المثلين الذي هو غير ممكن بحسب ما هو المفروض.