المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

409

النفس، ومقدار استعداد الشخص، وما له من الإحاطة بالمعلومات الثانويّة، ومقدار الذكاء، وغير ذلك من خصوصيّات روحيّة وجسميّة، واُمور خارجة عن الروح والجسم. وشرائط حصول العلم تختلف باختلاف الأشخاص في مستوى الذكاء وسائر الخصوصيّات، وحصول العلم واليقين عند تحقّق علّته أمر غير اختيارىّ. نعم، يدخل تحت قدرة الشخص في الجملة تغيير الشرائط بالنسبة إلى نفسه. ولا يجب أن يكون مجرّد كثرة الأخطاء في الأدلّة العقليّة مانعاً عن علّيّتها لحصول القطع، نظير أنّ المشي الذي نفترضه علّة لتقوية الأعصاب والعضلات ـ مثلاً ـ لا تمنعه عن علّيّته كثرة زلّة الماشي وسقوطه على الأرض، أو تيهه في الطريق وعدم وصوله إلى مقصده.

ولو التفت الأخبارىّ إلى كلّ ما ذكرناه، وقال: إنّ المدّعى لنا هو أنّ عدم الالتفات إلى كثرة وقوع الخطأ في الأدلّة العقليّة هو بحدّ ذاته جزء العلّة لحصول اليقين، ومع هذا الالتفات لايحصل اليقين.

قلنا له:

أوّلاً: إنّنا جرّبنا ذلك، ورأينا حصول الجزم لنا بالوجدان على رغم التفاتنا إلى ذلك، فيعلم أنّ عدم الالتفات ليس جزءاً للعلّة بشكل عامّ، وإلّا للزم وقوع الانفكاك بين العلّة والمعلول.

وثانياً: إنّ الالتفات إلى الأخطاء الكثيرة يحصل كثيراً في الفكر البشرىّ حتّى الأطفال، فلو فرض هذا مانعاً عن حصول الجزم واليقين، انتفى الجزم واليقين بلا حاجة إلى أن يتعب المحدّث الأسترآبادىّ(رحمه الله) وأضرابه أنفسهم الزكيّة في مقام البحث مع الخصم بما لا يفيد الجزم واليقين؛ لكونه بحثاً عقليّاً أيضاً، وكان الأولى أن يدَعوا الاُمور التكوينيّة تؤدّي دورها، وتؤثّر أثرها، ويرتفع اليقين من البين.

وثالثاً: إنّ نفس دعوى الأخبارىّ الجزم بنحو الموجبة الكلّيّة بعدم إمكان حصول جزم من هذا القبيل مع الالتفات إلى كثرة الأخطاء... آية بطلان هذه القضيّة الكلّيّة؛ فإنّ نفس هذا الجزم هو خلاف هذه القاعدة المدّعاة.

يبقى أن يدّعي الأخبارىّ الشكّ وعدم الجزم في نفسه، واحتمال كون هذا الالتفات مانعاً عن حصول الجزم عند الآخرين، ويقول: إنّي لا أقطع بحصول الجزم عند