المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

416

الأوّل، إلّا من ناحية احتمال نشوء الخطأ في التطبيق، وهذا رجوع إلى الأمر الثاني.

الثاني: ما مضى ـ أيضاً ـ من دعوى أنّ قانون المنطق صحيح، ولكنّه لا يعقل كونه عاصماً من الخطأ في تطبيقه، فيقع الاشتباه في ذلك. وهذا صحيح لا إشكال فيه، إلّا أنّه لا يفيد الأخباريّين بنحو الإطلاق.

توضيح ذلك: أنّ الخطأ في تطبيق قانون المنطق يرجع في الحقيقة إلى أحد أمرين:

1 ـ الغفلة والذهول عن نفس شرائط الإنتاج: من كلّيّة الكبرى، وإيجاب الصغرى، وفعليّتها، أو عن مراعاتها على رغم بداهتها؛ إذ قد يغفل الإنسان أحياناً عن أمر بديهىّ، وهذا نادر جداً لمن له أدنى ممارسة في الاستدلالات، فلا يؤثّر بشكل ملحوظ في الموادّ البعيدة عن البديهيّات فضلاً عن القريبة منها.

2 ـ عدم الالتفات إلى الحدود الثلاثة، والغفلة عن مقدار شمولها، وغير ذلك من خصوصيّاتها؛ فإنّ معنى بداهة القضيّة ليس هو وضوح حدودها، وعدم الخطأ في ذلك حتّى مع عدم الالتفات، وإنّما معناها هو الوضوح، وعدم الخطأ في حدود البداهة عند الالتفات.

وهذا القسم من الخطأ كثير في الموادّ البعيدة عن البديهيّات كعلم الاُصول، وكلّما اقتربت المادّة إليها، قلّ فيها هذا الخطأ، والسرّ في ذلك: أنّ الخطأ في المادّة السابقة يؤثّر في اللاحقة دون العكس؛ ولأجل ما ذكرناه لا ترى الاشتباه في المنطق والحساب والهندسة وسائر الرياضيّات، إلّا في غاية الندرة؛ فذلك ناشئ من قربها من البديهيّات، إضافة إلى خلوّها عمّا سيأتي من السبب الثالث من أسباب الاشتباه.

وقد اتّضح بهذا: أنّ دعوى سقوط العقليّات عن درجة الاعتبار لكثرة الخطأ فيها، لم تتمّ بإطلاقها، بل ينبغي التفصيل بين الموادّ القريبة من البديهيّات والبعيدة عنها(1).

وهذا التفصيل صدر عن المحقّق الأسترآبادىّ(رحمه الله) ولكن كلام كثير من الأخباريّين مطلق في ذلك.

هذا. وما عرفته من الإشكال وارد عليهم حتّى بناءً على كون مرادهم من اليقين اليقين الاُصولىّ كما هو واضح.


(1) إلّا أن يكون المطلوب الحصول على العصمة الكاملة، وحينئذ فلاتشترط في نفي الحقّانيّة كثرة الأخطاء، بل الخطأ النادر ـ أيضاً ـ يكشف عن عدم الحقّانيّة.