المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

442

العالم بالدقّة: هو الجامع بين الوجوب والسلطنة، لانفس الوجوب فقط. فالقاعدة التي تصحّ في كلّ المواضع هي: (أنّ الشيء لايوجد إلّا بالوجوب أو السلطنة)، لا (أنّ الشيء بشكل عامّ ما لم يجب لم يوجد) نعم، بما أنّ السلطنة غير موجودة في العلل التكوينيّة فوجود معلولاتها لا يكون إلّا بالوجوب. هذا.

وما ادّعيناه من وجود نسبة اُخرى إلى صفّ نسبة الوجوب والإمكان، يكون بحسب عالم التصوّر بديهيّاً، كبداهة الوجوب والإمكان والوجود والعدم، فلا غبار بحسب عالم التصوّر على وجود نسبة ثالثة في قبال نسبة الوجوب والإمكان، فهذه غير الوجوب وغير الإمكان: أمّا أنّها غير الوجوب؛ فللتضاد الواضح بين عنوان (له أن يفعل) وعنوان (لابدّ له أن يفعل).

وأمّا أنّها غير الإمكان؛ فلأنّ الإمكان عبارة عن القابليّة، وهي التأهّل للقبول، وهذا مفهوم لا يتصوّر إلّا بين الشيء وقابله، دون الشيء وفاعله، بخلاف مفهوم (له). هذا.

وبالإمكان أن نقيم برهاناً على وجود نسبة السلطنة واقعاً في الجملة، ويكون هذا أوّل مرّة في تأريخ هذه المسألة؛ لعدم الاقتصار في مقام إثبات هذه السلطنة على الوجدان، وإثباتها بالبرهان.

وبيان ذلك إجمالاً: أنّ هناك قاعدتين عقليّتين ثابتتين في محلّهما:

1 ـ إنّ الممكن بالذات يستحيل أن يصبح علّة للمحال بالذات ولو فرض أنّ المحال بالذات قد يكون معلولاً لمحال آخر.

2 ـ إنّ المحال بالذات يستحيل أن يكون معلولاً ولو لمحال ذاتىّ آخر.

وبعد هذا نقول: إنّ ارتفاع ضدّين وجوديّين لا ثالث لهما كالحركة والسكون ـ بعد فرض وجود جسم مثلاً كي يتّصف بالحركة والسكون ـ محال بالذات، كارتفاع النقيضين. وحينئذ نلفت النظر إلى ضدّين لا ثالث لهما، ونقول:

إنّ من الممكن أن لا يوجد في سلسلة العلل لهذين الضدّين مرجّح لأحدهما على الآخر. فلو ثبت هذا الإمكان (من دون حاجة إلى دعوى الفعليّة كما قيل في رغيفي الجائع وطريقي الهارب كي يقال لا برهان على عدم المرجّح)، قلنا: إنّه لو بني على انحصار النسبة خارجاً في الوجوب والإمكان، للزم كون الممكن بالذات ـ وهو عدم المرجّح لكلّ