المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

455

والفطريّات، وكذا الحسّيّات بالنسبة إلى وجود واقع في الجملة(1) دون مطابقة الواقع في الخصوصيّات. وعلى أىّ حال، فهذه النكتة لا تكون دخيلة فيما هو المقصود؛ إذ لا نزاع في عدم كون العقل العملىّ دخيلاً في الأربعة الأخيرة. وأمّا كيفيّة استنتاجه لعدم ضمان حقّانيّة العقل العملىّ، فكان الأفضل أن يغيّر نهج البيان لذلك؛ إذ ليس ضمان حقّانيّة كلّ واحد من القضايا الستّ أو الثلاث بملاك يخصّه، بل بنكتة مشتركة فيما بينها، وهي: إدراكها من حاقّ النفس ـ بلا دخل شيء آخر خارج عن النفس وقواها ـ أوحى إلى النفس بذلك الحكم، كقانون أو تأديب أو غير ذلك(2).

فينبغي أن يقال ابتداءً في مقام بيان عدم ضمان حقّانيّة العقل العملىّ: إنّ قضايا العقل العملىّ لا تنبع من حاقّ النفس؛ بدليل وقوع الخلاف فيها بين النفوس. وعلى أيّ حال، فهذا ليس إشكالاً على جوهر كلامه (رضوان الله عليه) بقدر ما هو تحسين لصياغة المنهج. هذا.

والذي ينبغي أن يكون مراده(قدس سره) من هذا الوجه هو التشكيك المنطقىّ في العقل العملىّ، لا التشكيك الاُصولىّ؛ فإنّ هذا الوجه لايفيد أزيد من ذلك.

وعلى أىّ حال، فالاستدلال على عدم ضمان حقّانيّة قضايا العقل العملىّ باختلاف العقلاء فيها باعتباره ـ على حدّ تعبيره ـ شاهداً على عدم كونها من الأوّليّات، أو ـ على حدّ تعبيرنا ـ شاهداً على عدم دخولها في جامع الضرورىّ، وعدم نبعها من النفس وقواها، غير صحيح؛ وذلك لأمرين:

الأوّل: منع ثبوت اختلاف العقلاء في ذلك؛ إذ لو كان المراد بالاختلاف الاختلاف في تمييز الحسن من القبيح بعد تسليم أصل الحسن والقبح، فقد مضى أنّ الاختلاف إنّما هو في باب الترجيح، لا في أصل كون هذا حسناً وذلك قبيحاً(3).


(1) قد مضى عدوله (رضوان الله عليه) عن ذلك. نعم، المحسوسات بالحسّ الباطنىّ مضمونة الصحّة.

(2) في المحسوسات بالحسّ الباطنىّ نكتة الضمان أقوى من ذلك، وهي: كونها معلومة بالعلم الحضورىّ لدى النفس.

(3)وهناك اختلاف ـ أيضاً ـ في أصل كون هذا حسناً وذاك قبيحاً في الاُمور التي يكون حسنها وقبحها راجعاً إلى القانون أو العادة، ولا واقعيّة في المرتبة المتقدّمة على القانون والعادة، كما في موضوع الحجاب والسفور.