المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

492

أمّا الأوّل: فلأنّ ما ذكر في كلماتهم من دعوى الإجماع على بطلان عمل تارك طريقي الاجتهاد والتقليد يشمل موارد الامتثال التعبّدىّ، كيف والتقليد ليس إلّا أخذاً بالتعبّد، وكذلك الاجتهاد غالباً.

وأمّا الثاني: فلأنّ من يحتمل دخل التفصيليّة في الغرض في الامتثال الوجدانىّ، قد يحتمل ذلك في الامتثال التعبّدىّ أيضاً، فيقدّمه على الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ.

وعلى المبنى الثالث: وأعني بذلك لزوم الامتثال التفصيلىّ؛ لكون الامتثال الإجمالىّ مع التمكّن من التفصيلىّ لعباً بأمر المولى، فهذا الوجه لا يتأتّى فيما نحن فيه(1)؛ إذ كيف يكون الامتثال الإجمالىّ في المقام لعباً؟ هل هو لعب في قبال التفصيلىّ التعبّدىّ، أو هو لعب في قبال الجمع بين التفصيلىّ التعبّدىّ والإجمالىّ؟

فإن قيل بالأوّل، ورد عليه: وضوح وجود داع عقلائىّ في الامتثال الإجمالىّ في المقام، وهو تحصيل القطع بامتثال الأمر الواقعىّ الذي لايحصل بالامتثال التفصيلىّ التعبّدىّ.

وإن قيل بالثاني، ورد عليه: أنّ الاقتصار على الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ في مقابل الجمع بينه وبين التفصيلىّ التعبّدىّ اقتصار على الأقلّ مؤونة في مقابل الأكثر، والأخفّ مؤونة في مقابل الأثقل. وهذا مشتمل على داع عقلائىّ، وليس لعباً.

فمثلاً: لو دار الأمر بين أن يعمل ابتداءً بالاحتياط بالجمع بين الظهر والجمعة، وأن يحصّل أوّلاً أمارة على وجوب أحدهما بالتعيين، ثُمّ يجمع بينهما، فمن الواضح: أنّ الأوّل أقلّ وأخفّ، وليس اختياره لعباً. وإن اتّفق أنّه لم تكن في تحصيل الأمارة أىّ مؤونة ومشقّة، كان اختيار كلّ واحد منهما في قبال الآخر اختياراً لأحد أمرين متساويين في المؤونة في قبال الآخر، ولا معنىً للحكم على أحدهما بكونه لعباً.

الأمر الثاني: أنّ المستشكلين في الامتثال الإجمالىّ يعترفون بعدم الإشكال فيه في موردين:

الأوّل: فرض عدم التمكّن من الامتثال التفصيلىّ.

وهذا واضح؛ لعدم تأتّي شيء من الوجوه السابقة فيه: فلا يأتي فيه ـ مثلاً ـ إشكال


(1) نعم، لو فرض كون تفصيليّة الامتثال من صميم الامتثال، وممّا يدعو إليه نفس التكليف، فقد تدّعى مثل هذه الدعوى فيما نحن فيه أيضاً.