المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

494

نعم، قد يفترض أنّ دليل التعبّد إنّما أثبت التعبّد في فرض انسداد باب العلم وعدم التمكّن من تحصيله، فيكون الامتثال الإجمالىّ التعبّديّ ـ عندئذ ـ في عرضالامتثال التفصيلىّ التعبّديّ فحسب، ولايكون في عرض الامتثال التفصيلىّ الوجدانىّ، كما لا يكون في عرض الامتثال الإجمالىّ الوجدانىّ ـ أيضاً ـ إذا كان دليل التعبّد غير شامل لفرض التمكّن من العلم ولو إجمالاً. وهذا غير مرتبط بما نحن فيه.

والخلاصة: أنّ الامتثال الإجمالىّ التعبّدىّ في نفسه ليس في طول التفصيلىّ، بل في عرضه. أمّا عدم صحّته أحياناً في قبال الامتثال الوجدانىّ، فهو مطلب آخر.

ويستثنى من صحّة الامتثال الإجمالىّ التعبّدىّ مورد واحد.

توضيح ذلك: أنّ دليل التعبّد تارة ينصبّ على مورد معيّن، ثُمّ يقع الاشتباه، كما لو دلّت البيّنة أو أصالة الطهارة على طهارة ثوب معيّن، ثُمّ وقع الاشتباه بينه وبين ثوب آخر. وهنا لا إشكال في جواز الصلاة مرّتين: مرّة في هذا الثوب، ومرّة في الثوب الآخر؛ فإنّ هذا يؤدّي إلى العلم بالصلاة في ثوب محكوم بالطهارة تعبّداً.

واُخرى يفرض تردّد مورده من أوّل الأمر بين ثوبين مثلاً، وهذا يتصوّر على نحوين:

الأوّل: أن يكون لمورده نحو تعيّن في الواقع بغضّ النظر عن ذلك الحكم، بحيث يمكن لمن يعلم الغيب أن يشير إليه معيّناً ولو فرض كذب الدليل، كما لو كان أحد الثوبين ملكاً لزيد، ووقع الاشتباه بين ما هو ملك زيد وما ليس ملكه، والبيّنة أو أصالة الطهارة دلّت على طهارة الثوب الذي هو ملك لزيد. وهنا ـ أيضاً ـ يجوز تكرار الصلاة في الثوب؛ إذ بذلك يحصل له العلم بأنّه قد صلّى في ثوب محكوم بالطهارة واقعاً.

الثاني: أن لا يكون لمورده تعيّن كذلك بحيث لو كان الدليل كاذباً، لم يمكن حتّى لعلّام الغيوب أن يشير إلى فرد معيّن، ويقول: (هذا هو مصبّ الدليل)، كما لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الثوبين، واحتمل نجاستهما معاً، ولم يمكن للثوب المعلوم نجاسته أىّ تعيّن من قبل غير تلك النجاسة، ودلّت أصالة الطهارة على طهارة الثوب الآخر، أو دلّت البيّنة