المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

113

زمان الإمام(عليه السلام) لانعقدت السيرة على طريق آخر للاستفادة من المعدن، وكان ذلك يشكّل ظاهرة اجتماعيّة كبيرة؛ لكثرة حاجة الناس إلى الاستفادة من المعدن، ولكان يصل ذلك إلينا. فقيام السيرة على تملّك المستخرج للمعدن في زمان الشارع الذي لم يمكننا إثباته بالطريق الثالث أمكننا إثباته بهذا الطريق(1).

هذا تمام الكلام في المرحلة الاُولى(2).

وهذه المرحلة كنّا بحاجة إليها في باب الأمارات لو فرضنا السيرة فيها سيرة عقلائيّة بما هم عقلاء، ولم نفترض حجّيّتها ذاتيّة كذاتيّة حجّيّة القطع عندنا، بمعنى أنّ من طبّق تمام أعماله عليها لم يكن مقصّراً في مقام العبوديّة بحكم العقل العمليّ.

أمّا بناءً على هذا الوجه الذي مضت الإشارة إليه فليس الحكم حكماً عقلائيّاً يجب إثبات تحقّق سيرة العقلاء عليه في زمن المعصوم، وإنّما قامت سيرة العقلاء على ذلك من باب حكم العقل بذلك، فهو بنفسه أمر واقعيّ يدركه العقل العمليّ كالوجوب والإمكان اللذين يدركهما العقل النظريّ. فالعقل العمليّ أدرك ـ بحسب


(1) هذه هي الطرق الخمسة لإثبات السيرة بحسب ما أفاده(رحمه الله) في الدورة التي حضرتها، وقد مضى منّا طريق سادس لإثبات السيرة العقلائيّة.

(2) نقل الأخ السيّد علي أكبر ـ حفظه الله ـ عن الدورة الأخيرة لدرس اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): أنّ هذه الوجوه الخمسة التي ذكرناها لإثبات المرحلة الاُولى ـ وهي أصل تحقّق السيرة في زمن المعصوم ـ إنّما هي الوجوه العامّة التي يمكن التمسّك بها والتي تنضبط بالضوابط. وهنا وجوه اُخرى صغيرة متناثرة ليست لها ضوابط، فمثلاً ألسنة الروايات والجواب من قبل الإمام تكشف عن السيرة والارتكاز في كثير من الأحايين إثباتاً ونفياً، ولهذا نحن استفدنا من الأدلّة التي يتمسّك بها على نجاسة أهل الكتاب أنّ السيرة وقتئذ لم تكن قائمة على نجاسة أهل الكتاب، إلى غير ذلك من الخصوصيّات الحديثيّة والتأريخيّة التي يترك أمر تفصيلاتها إلى الفقه. انتهى.