المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

120

الوجه الثاني: أن يكون ذلك من باب إيمان العقلاء بصحّة النكتة التي قامت على أساسها السيرة، مثلاً قد يقال: إنّ العقلاء بنوا على التملّك بالحيازة؛ لما رأوا: من توقّف نظام المعاش على ذلك، والمتشرّعون منهم أيضاً مشوا على هذا الطريق إيماناً منهم بصحّة هذه النكتة، فعملوا على طبقها في مورد الحكم الشرعيّ بلا التفات إلى موافقة الشارع وعدمها، إمّا غفلة، أو إهمالاً.

والفرق بين هذا الوجه والوجه السابق: أنّ الجري على طبق السيرة في مورد الحكم الشرعيّ في هذا الوجه لا يفرض عملاً ميكانيكيّاً بحسب العادة كما في الوجه الأوّل، بل يفرض عملاً عن وعي وشعور بلحاظ الإيمان بصحّة نكتتها. نعم، اُغفل في الحساب مسألة موافقة الشارع وعدمها.

وهذا الوجه إنّما يتمّ في السيرة الفقهيّة كما في مثال التملّك بالحيازة دون السيرة الاُصوليّة، ولو أخذنا فيها بمبنى المشهور: من افتراض أنّ روح الحجّيّة والحكم الظاهريّ عبارة عن جعل شرعيّ بملاك في نفس الجعل؛ وذلك لأنّه لو افترض أنّ سيرة العقلاء جرت على أنّ كلّ من تقمّص بقميص المولويّة جعل خبر الواحد حجّة على عبده، وأنّهم آمنوا بصحّة هذه النكتة، لم يمكن افتراض أنّ إيمانهم بصحّة هذه النكتة يجعلهم يمشون على هذا الطريق في موارد الأحكام الشرعيّة مع إغفال موافقة الشارع وعدمها، فإنّ الحجّيّة ـ بحسب الفرض ـ عبارة عن جعل وتشريع للمولى، ولا معنى لافتراض البناء على ثبوت هذا الجعل من قبل المولى لصحّة نكتته مع إغفال موافقة نفس المولى، فلا معنى لفرض العقلاء خبر الواحد في الشرعيّات حجّة إلّا من باب العادة وهو الوجه الأوّل، أو من باب إثبات موافقة الشارع لهم في النكتة وهو الوجه الثالث.

الوجه الثالث: أن يكون ذلك من باب إيمان العقلاء بصحّة نكتة السيرة مع الاعتقاد بموافقة الشارع عليها من باب أنّه لا يخطأ، فمع فرض عدم الخطأ تجب