المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

127

المنقول، وانجبار الخبر ووهنه بعمل الأصحاب وإعراضهم، بل قد جاء في كلمات الشيخ(رحمه الله) ما هو أشدّ من ذلك حيث يقول في بعض الروايات الصحيحة: إنّه لا يمكن الأخذ بها؛ لكونها على خلاف القواعد وموجبة لتخصيصها، فلا يؤخذ بها ما لم تعتضد بعمل المشهور. ولعلّ من القواعد التي اصطنعت على هذا الأساس هي مسألة السيرة والارتكاز، ولذلك كلّما بطلت تلك القوانين السابقة في أذهانهم توسّعوا في هذا القانون كي يفي بتلك الحالة النفسيّة، ويقوم مقام تلك القوانين. ففي كلّ مورد منعتهم حالة التحرّج عن الإفتاء فيه بمرّ الصناعة، ولا يمكنهم التمسّك بمثل الإجماعات المنقولة يتمسّكون بأذيال السيرة والارتكاز.

والكلام تارةً يقع في أصل هذه الحالة التحرّجيّة، واُخرى في هذا النزوع والاتّجاه نحو مناهج للاستدلال تناسب هذه الحالة، فنتكلّم في أمرين:

الأمر الأوّل: إنّ هذا التحرّج يصلح نشوؤه من أحد اُمور ثلاثة:

الأوّل: الاطمئنان أو العلم الشخصيّ ببطلان هذا الحكم الذي هو مقتضى الصناعة، فلا محالة يتحرّج عن الإفتاء به. وبما أنّ هذه الحال والاطمئنان لا يمكن نقلها تكويناً إلى الآخرين فيفتّش عن دليل على طبق مذاقه كي يثبت به مطلوبه للآخرين، ويوجب لهم الاطمئنان بذلك.

الثاني: أن يرى الفقيه: أنّه وإن كان شاكّاً في الحكم الفلانيّ لكن هذا الشكّ يكون على خلاف العادة والعرف؛ لتوفّر مقتضيات الاطمئنان عنده، فلا يمكنه ترتيب آثار الشكّ لنفسه بالرجوع إلى القواعد المؤمّنة، والأمارات والاُصول العقليّة والنقليّة، ولا يمكنه ترتيب آثار اليقين من الإفتاء بذلك الحكم.

أمّا ترتيب آثار الشكّ: من الرجوع إلى القواعد المؤمّنة، فقاعدة قبح العقاب بلا بيان إنّما يستقلّ بها العقل عند عدم تماميّة البيان بحسب مقتضى الطبع والعادة، دون ما إذا كان البيان تامّاً بحسب الطبع والعادة، ومع ذلك بقي الفقيه شاكّاً في