المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

142

لأ نّا نقول بالتوسعة في متعلّق العلم الذي اُخذ غاية للأصل، وأنّ المقصود به هو خطابات المولى(1).

ولا يقال أيضاً بالردع بالآيات الناهية عن العمل بغير العلم. فإنّك قد عرفت أنّ الردع يكون لأجل دفع الخطر عن أغراض المولى. إذن فكلّما كانت السيرة أقوى وأشدّ يجب أن يكون الردع أقوى وأصرح كي يقابل تلك السيرة، ويؤثّر في التفات الناس وارتداعهم. وهذه السيرة العظيمة المستحكمة للعقلاء على العلم بالظهور لا يمكن ارتداعهم عنها، والتفاتهم بحسب الغالب إلى عدم رضا الشارع بها في الشرعيّات بهذه الإطلاقات التي لا يلتفت أحد إلى الردع بها إلّا أفراد نادرون.

هذا. وإشكال الردع عن السيرة بمثل هذه الإطلاقات مشترك بين ما نحن فيه، ومسألة إثبات حجّيّة خبر الواحد بالسيرة. وتوجد أجوبة اُخرى مشتركة بين البابين كهذا الجواب، وسيأتي ذكرها وتحقيقها صحّةً وبطلاناً في بحث خبر الواحد إن شاء الله تعالى.

وهنا جواب آخر عن هذا الإشكال يختصّ بما نحن فيه، وهو: أنّ هذه الإطلاقات بنفسها ظهورات فكيف تردع عن حجّيّة الظهور؟ بينما في بحث خبر الواحد يجعل ظهور قوله: ﴿لاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾الذي ليس خبراً واحداً رادعاً عن العمل بخبر الواحد. فلا يأتي فيه هذا الجواب.

ويمكن إبطال هذا الجواب في المقام بأنّ هذا المحذور العقليّ ـ وهو عدم إمكانيّة الردع عن الظهور بالظهور؛ لعدم إمكانيّة ردع الشيء بنفسه ـ إنّما يثبت في ردع هذه الإطلاقات عن نفسها، فنفهم بقرينة هذا المحذور العقليّ أنّها لا تردع عن نفسها، وأمّا ردعها عن باقي الظهورات فلا محذور فيه، فنأخذ بذلك.


(1) وإن لم نقل بذلك فحال أدلّة البراءة حال الآيات الناهية عن العمل بغير علم.