المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

156


وقد نقل عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) عدّة أجوبة على هذا الكلام:

الأوّل: أنّ هذا المقدار لا يكفي في الردع عن السيرة بعد فرض انعقادها وعموم نكتتها؛ إذ لابدّ من ردع واضح صريح في إرادة ذلك، فمجرّد التشابه بين بعض الظهورات والقياس أو إعمال الرأي المردوع عنه ـ الذي هو بنفسه قياس مع الفارق ـ لا يشكّل ردعاً، فعدم الردع المناسب ثابت.

الثاني: أنّنا نثبت بسيرة العقلاء حجّيّة الظواهر التي ليست من هذا القبيل، من قبيل العمومات والإطلاقات اللفظيّة، والمقاميّة، والسياقيّة، ثُمّ نتمسّك ببعض هذه الظواهر التي دخلت في القدر المتيقّن لإثبات حجّيّة بقيّة الظواهر. ونذكر هنا طائفتين:

1 ـ ما دلّ على التمسّك والعمل بكتاب الله والسنّة والرجوع إليها. وموضوع هذه الطائفة هو الكتاب والسنّة. فإمّا أن يكون المقصود بذلك الجانب اللفظيّ، وعندئذ يكون مقتضى الإطلاق هو التمسّك بكلّ الدلالات اللفظيّة. وإمّا أن يكون المقصود بذلك هو الجانب المعنويّ، وعندئذ فالإطلاق المقاميّ يقتضي كون المقصود التمسّك بمعاني الكتاب والسنّة عن طريق فهم العقلاء والعرف للكتاب والسنّة، فرجعنا مرّة اُخرى إلى حجّيّة جميع الظهورات.

2 ـ ما دلّ على تحكيم دلالات القرآن ابتداءً، من قبيل رواية عبد الأعلى مولى آل سام التي جاء فيها: «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله»، وروايات العرض على كتاب الله والأخذ بما وافق وطرح ما خالف كتاب الله. وهذه الطائفة ظاهرة في حجّيّة كلّ الدلالات اللفظيّة العرفيّة للكتاب.

الثالث: أنّ النهي عن العمل بالرأي والقياس لم يكن في بدايات عصر التشريع، وإنّما جاء في زمن متأخّر حيث شاع التمسّك بالقياس. فسيرة العقلاء على حجّيّة كلّ ظهور