المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

245

وتحقيق الكلام في هذه الرواية: أنّ ما فرض من هذا الحديث أنّه يعرف من كتاب الله إمّا أن يكون المقصود به هو مجرّد الأمر السلبيّ، وهو نفي وجوب المسح على البشرة، وإمّا الأمر الإيجابيّ أيضاً، وهو جعل البدل وهو المسح على المرارة:

فإن كان المقصود هو المسح على البدل ـ كما لعلّه هو ظاهر الرواية، ولهذا احتجّ على السائل بأنّه يعرف هذا من كتاب الله؛ إذ لو كان المراد هو معرفة الحكم السلبي لما تمّ هذا احتجاجاً على السائل، فإنّ السائل بحاجة إلى فهم الوظيفة الإيجابيّة ـ وجب إرجاع علم هذه الرواية إلى أهلها؛ لأنّ مثل هذا لايعرف من كتاب الله، فإنّ قوله تعالى: ﴿مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج﴾ ينفي الحكم الحرجيّ، ولا يشرّع ما هو البدل وما هي الوظيفة الاضطراريّة، فنفس الكتاب الكريم بقدر فهمنا نحن العوام لا يمكن أن نستنبط منه مثل هذا الحكم. نعم، الكتاب الكريم بواقعه الذي يفهمه الإمام(عليه السلام) لعلّه يستنبط منه هذا الحكم، فإن كان المقصود من الحكم الذي يعرف من كتاب الله هو البدل وجب أن يكون المراد من المعرفة معرفة الأئمّة(عليهم السلام).

وإن كان المقصود معرفة الحكم السلبيّ ـ وهو عدم وجوب المسح على البشرة ـ كان الحديث دالّاً على أنّ مثل هذا يعرفه الناس من الكتاب الكريم، فتكون هذه الرواية دالّة على حجّيّة ظواهر القرآن الكريم.

 

إنكار وجود الظهور في القرآن:

بقي الكلام في المسلك الآخر للأخباريّين، وهو دعوى عدم الظهور للكتاب الكريم. وهذه الدعوى لها وجهان: فتارةً يدّعى الإجمال الذاتيّ للقرآن، واُخرى يدّعى الإجمال العرضيّ له بلحاظ العلم الإجماليّ بالتخصيص والتقييد والتأويل ونحو ذلك.