المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

347

صلاحيّة الظنّ لكونه سنداً مباشراً للعمل لا للحكم المولويّ بعدم حجّيّة الظنّ، وتلك القرينة هي: أنّ الآية بصدد الاحتجاج مع المشركين المنكرين لأصل الشريعة، والاحتجاج معهم يجب أن يكون بأمر عقليّ يفحمهم، ولا معنى للاحتجاج مع منكر الشريعة بأمر شرعيّ من قبيل نفي الحجّيّة الشرعيّة.

الثاني: أنّ الأدلّة اللفظيّة على حجّيّة خبر الواحد تتقدّم على الآيات الناهية عن العمل بالظنّ وغير العلم ـ لو سلّمنا دلالتها على عدم الحجّيّة ـ إمّا بالتخصيص أو بالنسخ.

وذلك لأنّ أدلّة حجّيّة خبر الواحد اللفظيّة عبارة عن السنّة القطعيّة وعن آيات قرآنيّة لو تمّت دلالتها على الحجّيّة، والسنّة تدلّ على حجّيّة خبر الثقة لا مطلق الظنّ، فهي أخصّ مطلقاً من الآيات الناهية عن العمل بالظنّ، فتقدّم عليها بالتخصيص.

وأمّا الآيات التي تدعّى دلالتها على حجّيّة خبر الثقة فعمدتها آية النبأ وآية النفر. وقد مضى أنّ النسبة بينهما وبين الآيات الناهية عن العمل بغير العلم عموم من وجه، فلا تصحّ دعوى التخصيص، لكن آيتي النبأ والنفر لو تمّت دلالتهما على حجّيّة خبر الواحد فبالإمكان دعوى كونهما ناسختين للآيات المفروض دلالتها على عدم الحجّيّة. وذلك بناءً على الإيمان بصغرى وكبرى:

أمّا الصغرى: فهي دعوى تأخّر زمان نزول الآيتين عن الآيات الناهية عن العمل بغير العلم، وأنّ الآيتين مدنيّتان، والآيات الناهية عن العمل بغير العلم مكّيّة.

أمّا آية النبأ: فهي واردة في سورة مدنيّة(1)، ومورد نزولها ـ كما نقلوا بالاستفاضة ـ قصّة إخبار الوليد عن ارتداد بني المصطلق الواقعة بعد الهجرة، فيستكشف من مجموع ذلك كونها واردة في المدينة.


(1) سورة الحجرات، الآية: 6.