المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

409

بالتبيّن إرشاداً إلى حكم العقل بلزوم تحصيل العلم قلنا: إنّ هذا الحكم ليس حكماً مولويّاً جعل للتحريك كي يقال: إنّ عدم لزوم تحصيل العلم عند إخبار العادل الثابت بالمفهوم تارةً يكون لأجل الحجّيّة، واُخرى لأجل العلم بالكذب؛ إذ مع العلم بالكذب يكون تحصيل العلم بالواقع تحصيلاً للحاصل، فنبطل الثاني بلزوم الأسوئيّة لتثبت الحجّيّة، وإنّما هو بمعنى اللابدّيّة العقليّة، أي: أنّ العقل أدرك أنّه لابدّ من العلم. ومن الواضح أنّ اللابدّيّة العقليّة لشيء لا تنتفي بثبوت ذلك الشيء، ولابدّيّة العلم إنّما تنتفي بقيام الحجّة؛ إذ مع الحجّيّة لا حاجة إلى العلم، فمفهوم الآية مساوق للحجّيّة بلا حاجة إلى مقدّمة الأسوئيّة(1).

 


(1) هذا الإشكال أيضاً لا يمسّ روح برهان المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، وإنّما يمسّ تعبيره القائل بأنّ (عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل قد يكون للعلم بكذبه) بناءً على أن يكون مقصوده بذلك العلم الوجدانيّ، ومن المحتمل أن يكون مقصوده العلم التعبّديّ؛ إذ من الواضح أنّه لا علم وجدانيّ بكذب خبر العادل، ومورد العلم بالكذب خارج عن محلّ البحث، ونفي علمنا بكذب خبر العادل ليس بنكتة عدم الأسوئيّة، بل أمر وجدانيّ بنفسه، فلعلّ مقصوده العلم التعبّديّ، أي: كون خبر العادل حجّة في إثبات نقيضه، فكأنّه يقول: إنّ عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل يكون لأحد أمرين: إمّا لحجّيّة خبر العادل في إثبات مفاده، فالحجّة تغني عن لابدّيّة العلم، وإمّا لحجّيّة خبر العادل في إثبات نقيض مفاده، فالحجّة أيضاً تغني عن لابدّيّة العلم. والثاني يستلزم أسوئيّة حال العادل من الفاسق، فيتعيّن الأوّل. فإن كان هذا هو مقصود المحقّق العراقيّ، أو غيّرنا ما فرضه: من العلم بكذب خبر العادل إلى فرض حجّيّة خبر العادل في إثبات نقيض مفاده، لم يرد عليه الإشكال الذي أفاده اُستاذنا الشهيد. نعم، يرد عليه على كلّ حال: أنّ العلم بكذب خبر العادل سواء كان بمعنى العلم الوجدانيّ أو العلم التعبّديّ مقطوع العدم في نفسه بلا حاجة إلى مقدّمة الأسوئيّة، أمّا العلم الوجدانيّ بالكذب فواضح، فإنّ محلّ بحثنا إنّما هو فرض