المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

412


المقصود بالتبيّن تحصيل العلم، فبالإمكان حمله على الأمر الشرطيّ بناءً على كون المقصود بالتبيّن ما يشمل تحصيل الظنّ أو الوثوق؛ وذلك لأنّ حجّيّة خبر الفاسق وإن لم يمكن اشتراطها بالعلم؛ إذ مع العلم لا يبقى مجال لحجّيّة الخبر، ولكن بالإمكان اشتراطها بالظنّ والوثوق، بل حينما يفسّر التبيّن بما يشمل الظنّ والوثوق لا معنى لحمل الأمر بالتبيّن على الإرشاد إلى حكم العقل؛ لأنّ العقل لا يكتفي بالظنّ في غير باب الانسداد، كما أنّ احتمال الوجوب النفسيّ أيضاً غير وارد، فانحصر الأمر في الوجوب الشرطيّ.

الثانية: أنّ معنى الوجوب الشرطيّ للتبيّن هو الوجوب الغيريّ مقدّمة لواجب نفسيّ طريقيّ وهو العمل بخبر الفاسق لا نفس الشرطيّة، فإنّ تفسير الأمر بنفس الشرطيّة بعيد.

الثالثة: أنّ هذا الوجوب الغيريّ المقدّميّ ينتفي بالمفهوم بانتفاء الفسق، لكن هذا لا ينحصر تفسيره بفرض بقاء الواجب النفسيّ على حاله بأن يجب العمل بخبر العادل بلا حاجة إلى التبيّن، بل من المحتمل انتفاء أصل الوجوب النفسيّ بأن لا يجب العمل بخبر العادل حتّى بعد التبيّن، وهذا الاحتمال إنّما ينفى ببرهان الأسوئيّة.

ولا أعرف هل أنّ المحقّق العراقيّ(رحمه الله) يعتقد أنّ النقطة الثانية حلقة من حلقات الوصول إلى النتيجة المطلوبة، وهي الحاجة إلى برهان الأسوئيّة، أو أنّه يراها إلفاتاً إلى نكتة ثابتة في المقام ـ وإن لم تكن هذه النكتة دخيلة في المقصود ـ وهي نكتة أنّ الأمر الشرطيّ ينبغي أن يقصد به الأمر المقدّميّ. أمّا حمله على بيان الشرطيّة مباشرة فخلاف الظاهر.

وعلى أيّ حال، فالصحيح أنّ النقطة الثانية لا دخل لها في الواقع في الوصول إلى النتيجة المطلوبة، فبالإمكان حذفها من المقام، وأن يقال رأساً ـ بعد أن نثبت في النقطة الاُولى كون الأمر بالتبيّن أمراً شرطيّاً ـ: إنّ مفاد الآية بناءً على هذا وإن كان هو مشروطيّة