المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

445

التعبير بعموم التعليل، وإلّا فليس التعليل في الحقيقة عامّاً بمعنى العموم الوضعيّ،وإنّما يدلّ قوله: ﴿أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَة ...﴾ على عدم الفرق بين أمارة غير علميّة وأمارة غير علميّة اُخرى في عدم الحجّيّة لنكتة واحدة بالإطلاق، ولا توجد في الآية الشريفة أيّ أداة من أدوات العموم.

وإنّما نقول بتقديم عموم التعليل بسبب أنّ نكتة التعليل توجب في نظر العرف الحكومة على الجملة المعلّلة، وتوسّع حدّ وجوب التبيّن، وأنّ هذه النكتة في نظرهم تقدّم على نكتة الأخصّيّة الموجبة للتقديم على العامّ، فكأنّ العلّة كما أنّها في عالم الثبوت تحدّد المعلول، أي: تشخّص حدوده، كذلك في عالم الإثبات ـ بحسب نظر العرف ـ تحدّد المعلول، ولو كان فيه مقتض لمفهوم أخصّ من عموم العلّة فكما أنّ الأخصّيّة توجب قرينيّة الخاصّ على العامّ كذلك التعليل يوجب قرينيّة جملة العلّة على جملة المعلول، والثانية مقدّمة عرفاً على الاُولى.

ولو تنزّلنا عن تقديم نكتة التعليل على نكتة الأخصّيّة، وفرضنا التساوي كفى ذلك في سقوط المفهوم ولو بالتعارض مع عموم التعليل وتساقطهما.

وثانياً: أنّ الخاصّ إنّما يتقدّم على نفس العامّ، أي: على الكلام الذي يكون متصدّياً لإثبات الحكم على تمام الأفراد في عرض واحد لا على ما يكون ابتداءً في مقام بيان نفس العموم، فلو فرض أنّه ذكر في كلام مستقلّ عدم حجّيّة كلّ أمارة غير علميّة، كان مفهوم آية النبأ مقدّماً عليه بالأخصّيّة. ولكن ما نحن فيه ليس كذلك، فإنّ آية النبأ تعرّضت أوّلاً لعدم حجّيّة خبر الفاسق ثُمّ علّلت ذلك بتعليل عامّ، والتعليل العامّ يكون ـ بحسب الفهم العرفيّ ـ تعميماً للحكم المعلّل، ومن الواضح أنّ ما يكون بصدد بيان نفس التعميم يكون معارضاً لما هو بصدد بيان