المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

449

وإن كان المقصود هو الثاني فالمفهوم يصبح وارداً على عموم التعليل لا حاكماً عليه؛ إذ بحجّيّة خبر العادل ينتفي احتمال الندم لأجل العقاب تكويناً لا تعبّداً، ولا يتمّ جواب المحقّق النائينيّ(رحمه الله) عن الإشكال بالحكومة، ولا يتمّ أيضاً أصل الإشكال، فإنّ التعليل على هذا ليس تعليلاً لعدم جعل الحجّيّة لخبر الفاسق؛ إذ الوقوع في الندم من ناحية العقاب يكون في طول عدم جعل الحجّيّة ومعلولاً له، فلا معنى لتعليل عدم جعل الحجّيّة بذلك، فلا يدلّ عندئذ على تعميم عدم جعل الحجّيّة لكلّ أمارة غير علميّة؛ لأنّه ليس علّة له، وإنّما هو علّة للأمر الإرشاديّ إلى ما يستقلّ به العقل: من لزوم التمسّك بعروة اليقين وكون رأس الخيط في العمل هو العلم، ويكون الأمر بالتبيّن أمراً إرشاديّاً.

الوجه الثالث: ما أفاده المحقّق الخراسانيّ(قدس سره)في الكفاية من أنّ الإشكال في المفهوم من ناحية عموم العلّة يبتني على كون الجهالة بمعنى الجهالة النظريّة والعقليّة، أي: عدم العلم، ولا يبعد أن تكون هنا بمعنى الجهالة العمليّة، وهي ما يعبّر عنها بالسفاهة وما لا ينبغي صدوره من العقلاء، والتعليل على هذا لا يشمل خبر العادل.

وأورد على ذلك المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره) بأنّ هذا المعنى للجهالة يشمل العمل بمطلق غير الحجّة، فإنّ العمل السفهيّ في أحكام المولى إنّما هو عبارة عن العمل بغير ما جعله المولى حجّة لا خصوص العمل بخبر الفاسق، وهذا شامل للعمل بخبر العادل غير العلميّ إلّا إذا ثبتت حجّيّته. فلابدّ في مقام إخراج العمل به عن هذه الكبرى من إثبات حجّيّته، فإن فرض إثبات حجّيّته قبل الآية لا بالآية الكريمة، فهذا خلف ما هو المفروض فعلاً من إثبات حجّيّته بالآية، وإن فرض عدم ثبوت حجّيّته قبل الآية إذن عموم التعليل يشمل خبر العادل ولا يبقى مجال لدلالة الآية على حجّيّته.

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ الجهالة لو فسّرت بمعنى السفاهة والعمل غير العقلائيّ فهي لا تشمل