المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

450

العمل بخبر العادل؛ لأنّ العقلاء من طبعهم وسيرتهم العمل بخبر العادل، وعدم حجّيّته شرعاً لا يجعل العمل به غير عقلائيّ، وإنّما يجعله خلاف العقل، وفرق بين كون شيء ما غير عقلائيّ وسفهيّاً، وكونه غير عقليّ، والمعصية الحقيقيّة للمولى تعالى لا تعدّ دائماً سفهيّة عند العقلاء فضلاً عن المعصية في نطاق الحكم الطريقيّ.

وثانياً: لو سلّمنا كون السفاهة والجهالة مساوقة للعمل بغير الحجّة فمفهوم الآية الدالّ على حجّيّة خبر العادل وارد على عموم التعليل، فلا يعقل كون عموم التعليل مانعاً عن دلالة الآية على الحجّيّة، وإشكال الدور قد عرفت جوابه(1).

بل بناءً على فرض كون الجهالة مساوقة للعمل بغير الحجّة لا يبقى موضوع لأصل الإشكال؛ إذ كون العمل بخبر الفاسق جهالة يكون على هذا فرع عدم حجّيّته، فلا معنى لكونه علّة لعدم الحجّيّة حتّى يوجب توسعة دائرة عدم الحجّيّة لكلّ أمارة غير علميّة، بل يصبح تعليلاً لأمر إرشاديّ كما مضى بيانه.

والتحقيق: أنّ ما أفاده المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) هو خير ما اُفيد في المقام لدفع مانعيّة التعليل عن المفهوم، ومع فرض حصول الوثوق بكون ظاهر الجهالة هنا ذلك لا يكون هذا التعليل مانعاً عن المفهوم أصلاً. نعم، لو فرض إجمال كلمة الجهالة اختلّ المفهوم لا محالة؛ لاكتناف القضيّة الشرطيّة بما يصلح للقرينيّة على عدم المفهوم وكون العبرة في وجوب التبيّن بمطلق الأمارة غير العلميّة دون خصوص خبر الفاسق.


(1) ولو سلّم إشكال الدور على تقريب الحكومة بفرض أنّ الحكومة ترجع بروحها إلى التخصيص، وأنّ التعارض محفوظ في المقام، فتماميّة المفهوم تتوقّف على عدم تماميّة العموم، قلنا: إنّ هذا الكلام لا يرد بناءً على تفسير الندم بمعنى الندم بلحاظ العقاب؛ لأنّ المفهوم عندئذ وارد على عموم التعليل، وعدم رجوع الورود بروحه إلى التخصيص واضح، فعدم الدور هنا أوضح؛ لوضوح عدم التعارض.