المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

451

بقي هنا شيء، وهو: أنّ التبيّن في الآية الشريفة ربط بالشرط ربطاً تعليقيّاً، وبالجهالة ربطاً تعليليّاً، فتارةً نفترض هذين الربطين في عرض واحد، واُخرى نفترض أحدهما في طول الآخر: فإن فرضناهما في عرض واحد كان الكلام في الآية الشريفة من حيث مانعيّة التعليل عن مفهوم الشرط وعدمها هو ما ذكرناه حتّى الآن.

وأمّا إن فرضنا الربط الأوّل في طول الربط الثاني فكأنّه قال: إنّ وجوب التبيّن المعلّل بخوف الإصابة بالجهالة ـ مثلاً ـ معلّق على مجيء الفاسق، فلا إشكال في عدم مانعيّة التعليل عن المفهوم، فإنّ الكلام عندئذ يكون بصدد تخصيص نفس ثبوت العلّة بفرض مجيء الفاسق، ونفيها في فرض مجيء العادل.

كما أنّه إن فرضنا الربط الثاني في طول الربط الأوّل فكأنّه قال: وجوب التبيّن المعلّق على مجيء الفاسق معلّل بخوف الإصابة بالجهالة ـ مثلاً ـ لم يكن إشكال أيضاً في عدم مانعيّة التعليل عن المفهوم، فإنّ الكلام يكون في مقام بيان علّة الحكم المعلّق بما هو معلّق ومقيّد بفرض الشيء، وهو مجيء الفاسق، وليس علّة للحكم في غير فرض الشرط.

هذا بحسب مقام الثبوت. وأمّا بحسب مقام الإثبات فالظاهر عرفاً من الآية الشريفة هو العرضيّة لا الطوليّة(1).

هذا تمام الكلام في المانع الداخليّ عن المفهوم.


(1) أفاد (رضوان الله عليه) بعد البحث: أنّ بالإمكان ذكر صورة دليل على كون الطوليّة بالنحو الثاني خلاف الظاهر، وهو: أنّ ظاهر التعليل بشيء كون ذاك الشيء بوجوده علّة لا بعدمه، والإصابة بالجهالة بوجودها ليست إلّا علّة لأصل الحكم لا لتعليقه على الشرط، وإنّما العلّة لتعليقه على الشرط هي عدمها في غير فرض الشرط.

ولا أتذكّر أنّ التعبير بـ (صورة دليل) هل كان في مقام التعريض بهذا البيان بأنّه ليس دليلاً صحيحاً وإنّما هو صورة دليل، أو لم يكن في هذا المقام.