المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

469

الحجّيّة لا مساس لها بالعمل، ولذا احتاجت إلى معروض يمسّ العمل.

الجواب الثالث: ما أفاده المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ الحكم الثابت على عنوان بنحو القضيّة الحقيقيّة ينحلّ بحسب عالم الانطباق والفعليّة إلى أحكام عديدة، فتكون حجّيّة موضوعاً لحجّيّة اُخرى، وخبر ثابت بحجّيّة موضوعاً لحجّيّة اُخرى.

وهذا الجواب في غاية المتانة، وقد عالج الإشكال في مورده الصحيح وهو عالم الفعليّة لا الجعل، فدفع الإشكال بأنّ الحكم الواحد له فعليّات عديدة بعدد الموضوع بعضها موضوع لبعض، وكذلك بعضها يثبت الخبر ويصير موضوعاً لفعليّة اُخرى(1)، فارتفع بذلك كلا الإشكالين.

إلّا أنّ المحقّق النائينيّ(رحمه الله) لم يكتف بهذا الجواب، بل ذكر جواباً آخر أيضاً عن خصوص الإشكال الأوّل، وهو لزوم اتّحاد الحكم والأثر الذي هو موضوع له(2)، ونحن نوضّح الجواب بهذه الصياغة:

وهي أن يقال: إنّ هذا الإشكال إنّما يرد على مبنى المشهور: من جعل الحكم المماثل، فإنّ الحكم المماثل ـ بالكسر ـ في كلّ حلقة من حلقات سلسلة الخبر مع


(1) هذه الصياغة للجواب تناسب مبنى المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في تصوير الفعليّة، أمّا على مبنانا: من عدم ثبوت وجود آخر للحكم باسم الفعليّة، وإنّما الذي يتحقّق عند ثبوت الموضوع هو طرفيّة هذا الفرد للحكم، فيصاغ الجواب كما يلي: إنّ الجعل الواحد قد خلق بانطباقه على فرد فرداً من الأثر أو الخبر، فتجدّد له الانطباق على هذا الفرد الجديد، وببركة هذا الانطباق الجديد خلق فرد آخر، فانطبق عليه أيضاً، وهكذا، فالجعل الكلّيّ للحجّيّة قد انطبق مرّات عديدة على الأثر الذي هو فرد جزئيّ للحجّيّة خلق في الرتبة السابقة على انطباق الحكم عليه، وكذلك انطبق هذا الجعل مرّات عديدة على خبر خلق بهذا الجعل في المرتبة السابقة على انطباقه عليه.

(2) راجع فوائد الاُصول للشيخ الكاظميّ(رحمه الله)، ص 64.